بقلم ناصر قنديل

«إسرائيل» تدق مزامير الخطر لكنها أصدق ورسالتها أدق

nasser

ناصر قنديل

– قال موقع «ديبكا» الإسرائيلي الذي تشرف عليه الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» بصورة مباشرة، «إن واشنطن وموسكو وطهران، تشهد منذ حوالى الشهر، تحركاً سرياً، تشارك فيه مسقط ودمشق، بهدف التفاهم على تسوية تتضمّن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد، في السلطة. وأضاف أن الوسيط الأهمّ بين كلّ هذه الأطراف هو وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي، الذي أدار في السنوات الماضية الاتصالات السرية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي أدّت إلى التوقيع على الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران»، وتابع الموقع: «إن هذا التحرك ينصبّ على توحيد القوى والجهود من أجل محاربة تنظيم «داعش» في سورية، ومما تتضمّنه المبادرة قيام السعودية ودول الخليج، وبخاصة قطر والإمارات العربية المتحدة، بوقف تأييدها للمعارضة السورية المسلحة، وتعهّد الجيش السوري بعدم مهاجمتهم، وموافقة المعارضة على وقف هجماتها على الجيش أو أي قوات عسكرية أخرى متواجدة في سورية، مثل قوات حزب الله. وعلى أساس وقف إطلاق النار الذي سيعلن عنه بصورة غير رسمية»، وفقاً لموقع ديبكا، «تجري مفاوضات من أجل إشراك المعارضة في السلطة. مع الإشارة إلى أن المعارضين الذين سيشاركون في المفاوضات، لن يكون بينهم ممثلون للتنظيمات المؤيدة لتنظيم «القاعدة»، أو «جبهة النصرة» طالما أنها ترفض إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة».

– يكفي عرض كلام موقع تشرف عليه الاستخبارات الإسرائيلية للردّ على وسائل إعلام عربية ومؤخراً لبنانية تنظم حملات تريد القول إنّ ثمة تغييراً في موقف موسكو وطهران من الرئيس السوري بشار الأسد، ضمن حرب إعلامية مموّلة سعودياً لتبرير الانفتاح على موسكو وطهران، فما يقوله الإسرائيليون أشدّ صدقاً لأنّ «إسرائيل» تعرف أكثر من كلّ حلفاء واشنطن عن ماهية ما يجري، ولأنّ المنشور على موقع الموساد يطابق المعلن من المسارات سواء ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حلف مواجهة «داعش» أو ما حدث من ظهور لدور مسقط في الحلّ السياسي لسورية عبر زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لها ولقائه وزير خارجيتها يوسف بن علوي الذي يصفه الموقع بمهندس المساعي.

– مقابل هذا التموضع الخليجي والسعودي خصوصاً يعرض الموقع الوجه الآخر للمساعي ومحوره تسوية للأزمة اليمنية «تتضمّن عودة الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور إلى صنعاء، بضمانات سعودية، ويبدأ مفاوضات مع السيد عبد الملك الحوثي، لبحث إشراك الحوثيين في السلطة» ويقول الموقع، «بعبارة أدق: بقاء الأسد في السلطة بموافقة أميركية – روسية – سعودية، مقابل توافق إيراني- سعودي على بقاء عبد ربه هادي منصور في السلطة باليمن أو بديل يتفق عليه للرئاسة مع شراكة الحوثيين هنا والمعارضين هناك»، بعد أن أدّت، وفقاً للموقع، الالتزامات الإيرانية بتسهيل انسحاب الحوثيين أمام القوات السعودية في محافظات الجنوب اليمني، وهذا ما يفسّر بالنسبة للموقع وفقاً لما يورده من معلومات سفر وفد من الحوثيين إلى مسقط ووفد من المعارضة السورية المدعومة من السعودية إلى موسكو.

– الموساد ليس جمعية خيرية ولا يورد المعلومات مجاناً ولا يشارك بحرب نفسية إعلامية لحساب التسويات التي تحمل أخباراً غير سارة لـ«إسرائيل»، نقول هذا قبل أن يستعجل البعض بالدخول على الخط بطريقة التذاكي، فيسأل، وهل «إسرائيل» فرحة؟ فإذا كانت كذلك فتلك إدانة لسورية وحلف المقاومة، وإذا كان العكس فلماذا تروّج لما يمنح هذا الحلف وجمهوره ربحاً معنوياً، الجواب هو في تتمة ما نشره الموقع والرسالة التي يوجهها مبطنة لكنها واضحة، فهو يعتبر المساعي متوقفة على كيفية تصرف السعودية ويحدّد من يقصد بالسعودية، أنه الرجل الذي تراهن عليه «إسرائيل» وهو وزير الخارجية عادل الجبير الذي لاقى تعيينه إشادة بمناقبيته وديبلوماسيته وحرفيته، ومعلوم ما هي معايير «إسرائيل» والموساد خصوصاً لحرفية وديبلوماسية ومناقبية وزير خارجية عربي، فيقول الموقع «إن إسرائيل والأردن، لم يكونا جزءاً من هذه الخطوة، ولم يشاركا فيها، لكن في حال تراجعت السعودية عن رفضها الحديث مع الأسد، فهذا يعني أن التنسيق السعودي – الإسرائيلي الأردني، حيال جنوب سورية، سينهار، وعندها ستجد «إسرائيل» والأردن نفسيهما أمام وضع جديد في سورية»، والرسالة الأولى للحكم في الأردن أن لا يتجرأ ويفكر بفك الارتباط مع الإسرائيلي تجاه خططهما في جنوب سورية، والرسالة الأشدّ قوة ووضوحاً للسعودية ومضمونها إنْ لم تفكروا ملياً قبل القبول بالانخراط في المساعي الأميركية الروسية ضعوا في حسابكم، أنكم لن تتمكنوا من أخذ الأردن معكم وبالتالي لن تتمكنوا من إلزامنا بما تقرّرون وستفقدون مصداقيتكم تجاه التزاماتكم.

– الإنذار للسعودية والأردن واضح وشديد اللهجة وهو ضمناً إنذار لكلّ مساعي التسوية في سورية واليمن وتهديد بنسفها من بوابة الإمساك بالشراكة الأردنية الإسرائيلية، في السيطرة على دور وموقف الجماعات المسلحة في جنوب سورية وفي طليعتها «جبهة النصرة» التي يتقصد الموقع تظهير استبعادها من أي مساع سياسية طالما لم تعلن فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، ويرسم الموقع خريطة طريق للسعودية ووزير خارجيتها لما يجب فعله، بطريقة رواية هوليودية، كما يرسم للمعارضة صورة سوداء لما ينتظرها داعيا لالتحاقها بالخيار الإسرائيلي الأردني وليس الخيار العماني السعودي، فيقول، يفاجئ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الجميع بالإعلان بأن السعودية لا توافق على بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وترفض التحدث مع أو لقاء أي ممثل له، وهكذا تنهار الخطوة برمتها، ومعها الخطوات التي كانت تنفذ على الأرض، فتواصل القوات السعودية والإماراتية تقدمها صوب العاصمة اليمنية صنعاء، مقابل انسحاب قوات الحوثيين من دون بدء مفاوضات على إشراكهم في السلطة، وهم يتراجعون بقوة الضمانات الإيرانية، في حين يبقى المعارضون السوريون الذين كانوا لا يعرفون إلى أين تتجه الرياح، وأوفدوا وفداً عنهم إلى طهران لاجمال شروط بدء المفاوضات، فبقوا معلقين في الهواء، وهم لا يعرفون ما إذا كان تم التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وموسكو والرياض وطهران، بخصوص مستقبلهم.

– الموساد ينذر ويهدد ويحدد لكنه قلق، لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما يبدو قد اتخذ قراره كما يقول الموقع، على رغم كل الكلام الأميركي الشكلي ضد سورية، فوقف تمويل وتدريب المعارضة مؤشر خطير وفقاً للموقع، الذي يرى «أن حديث الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخراً عن فرصة معقولة لإيجاد حل في سورية، خطوة ملتوية للقول للرأي العام الأميركي، أن محادثات سرية ومكثفة جرت في الشهر الأخير بين واشنطن وموسكو وإيران والسعودية، انتهت للتفاهم على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وأنه تم فعلاً فتح أكثر من نافذة، لبدء مفاوضات بين واشنطن وموسكو وطهران، على بقاء الرئيس الأسد في السلطة».

– الموساد يقول الكلام الواضح والخطير وسنرى من يشترك مع «إسرائيل» والموساد في السعي لإطاحة التسوية، عادل الجبير؟، من يروجون لحملات تتحدث عن تبدل في الموقفين الروسي والإيراني؟ من يرمون بثقلهم لتصعيد الموقف العسكري في سورية؟ من يتحركون لتخريب لبنان ووضع العصي في دواليب الاستقرار بحده الأدنى؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى