ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

المفاتيح باقية فمتى نرجع؟!

aksaa

فاطمة طفيلي

تتوالى الأجيال وتتغير الأزمنة وتبقى فلسطين حية في الذاكرة الشعبية، هي القبلة والعنوان، فمن يتذَّكّر، وكيف السبيل إليها، هي العقدة والمفتاح لكل قضايا هذا الشرق المشظّى، هي قبلة كل عربي ذي ضمير حي، لم تلوثه العناوين الهجينة المستحدثة والمموهة بألف لون ولون، ينسجها أصحابها على نول المصالح والغايات الرامية لاستكمال مسيرة القتل والتشريد وسلب الحقوق، ويرسمها المستعمرون بقوة التوحش الزاحف من كل حدب وصوب لحماية إسرائيل من الغضب الساطع.

سبعة وستون عاما، وكأن ما جرى بقصصه ورواياته المشؤومة لم يعد كافيا ليغسل أدران أحقاد فلتت من عقالها، وانطلقت براكين تنفث حممها في كل اتجاه، لتتركنا على هوامش الخيبة والضياع وفقدان الامل، وفي البال ألف سؤال وسؤال عن الشهامة والنخوة واللهفة العربية، التي دفنت في آبار النفط.

أين نحن اليوم من تلك الصفات المغناة أشعارا ومواويل، فيما جحافل الأعراب الضالة شاردة في متاهات الفرقة والتشرذم والتآمر، والبوصلة ما عادت باتجاه القدس وأقصاها، حتى ليخيل للمراقب انها لم تكن يوما كذلك!.

أين فلسطين القضية، وماذا بقي منها في ضمير من امتشق سلاحا بقي مغلولا طوال عقود النكبة، فيما ينام أصحابه نومة أهل الكهف غير مبالين بما يجري في عقر دارهم وتحت أنوفهم. وعندما استفاقوا كانوا قد ابتلوا بفقدان النذر اليسير مما تبقى لديهم من بصر وبصيرة، فتحركوا خبط عشواء يكملون فصول النكبة، بالانقضاض على ما بقي من قدرات في مواجهة العدو المغتصب للأرض والمنتهك للمقدسات، فبأي معيار يتحركون وهذا العدو هو المستفيد الاول مما يقترفون؟!.

وتحمل لنا الأخبار من واشنطن كلاما عن مليارات خليجية لإسرائيل وعن أولوية حاسمة في حسابات النفط هي تدمير اليمن ومواصلة تدمير سورية، اما الأقصى فمبكى يهودي كفوا حتى عن التباكي عليه قبلة عربية وإسلامية، أقسموا أغلظ الأيمان ان يصلّوا في رحابها يوم تنافخوا شرفا عن فلسطين وشعبها المنكوب بهم.

سبعة وستون عاما، مضى خلالها من مضى وولد من ولد، والمفاتيح باقية في الأعناق، يسلمها الآباء للأبناء أمانات عزيزة، وديونا تنتظر السداد، لتستمر حكايا شيوخ أعيتهم الحيلة وأضناهم الانتظار على قارعة حلم العودة، وما ملوا روايتها ولسان حالهم يقول سنرجع يوما، حكايا العدو المغتصب ومجازره، حكايا الأرض السليبة وأهلها المبعدين قسرا وعدوانا، حكايا نضالات ومقاومة لم تنكسر، ولم تقو عليها جيوش الغزو وأسلحتها الفتاكة، كما لم تنل منها صنوف الغدر والخيانة، فمن يقتلع القلوب ويمحو الذاكرة مهما فعل.

فلسطين السليبة حكاية عشق يخطها المقاومون انتصارات معمدة بدماء الشهداء والمناضلين، وعِبَر التاريخ واضحة لمن يجيد القراءة، الانتصارات مرصودة للشعوب المضطهدة مهما طال الزمن، واشتدت المحن. والغلبة حتما ستكون لأصحاب الإرادات الصلبة والبأس الذي لا يلين دفاعا عن الحق والعدالة.

التاريخ لن يرحم الغافلين عن فلسطين وقضيتها والمـتآمرين على أهلها. وأطفال فلسطين المشردون في أرضهم كما في الشتات، المحرومون من أبسط حقوقهم في الحياة، لن يغفروا لسلاح الغدر الساعي للإجهاز على الحلم الباقي ولا لأبواق التدجين والدجل المسموم، التي تضج بها فضاءات العرب المتخمة بفنون الإلهاء وضروب التكفير.

فلسطين عربية وستبقى عربية عربية عربية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى