ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

هل نحتاج زلزالا لنستفيق؟!!

IMG-20150509-WA0004

فاطمة طفيلي

هي صرخة تحذير أطلقتها شبكة سلامة المباني وجمعية اليازا في مؤتمر صحافي مشتركبعنوان “المستودعات والمصانع ضمن المناطق السكنية، المباني والزلازل، ومدى جهوزية الدولة، هيئة الكوارث بين التشريع والتطبيق”. بالتأكيد ليست المرة الاولى التي تعقد الجهتان مؤتمرا مماثلا، فقد سبق أن نبهتا في مؤتمر صحافي وفي العديد من المناسبات والإطلالات الإعلامية إلى أهمية العمل على هذه العناوين بطريقة علمية مدروسة، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، في ظل واقع مزر يعيشه لبنان في هذا الاطار، ونظرا للمخاطر المحدقة، أقلها الحرائق المتنقلة بين الاحياء السكنية في أكثر من منطقة، وآخرها حريق مطبعة ومستودع في مبنى سكني في شارع مار الياس الذي أدى إلى استشهاد عنصرين من فوج إطفاء بيروت، هما العريفان محمد المولى وعادل سعادة، الذي أثار موجة استياء عارمة، وفتح الباب واسعا على واحدة من بؤر الاهمال والفساد المستشري في الكثير من الإدارات والمؤسسات الرسمية.

IMG-20150509-WA0003

عزام:

رئيس شبكة سلامة المباني المهندس يوسف عزام سأل: “من يرخص لمستودعات الموت هذه؟ وهل يجوز ترخيص استخدامات كهذه ضمن المناطق السكنية بما يتعارض مع أبسط أعراف قوانين المدن وتنظيمها وتخطيطها، أم هي لا تملك الترخيص، واذا كان الامر كذلك فمن يسمح ببقائها على رغم تكرار نداءات المواطنين والجمعيات المعنية، وكيف يتم تصنيف المناطق بين صناعية وسكنية، والسؤال الاكبر هو موضوع تنظيم وتخطيط المدينة، فالاستخدامات الخطرة منتشرة داخل مدننا، ومعامل تعبئة الغاز مثال، ففي لبنان 40 معملا للتعبئة، 13 % منها مرخصة و87 % غير مرخصة، حوالى 121 معملا تنتشر بين المنازل وتشكل قنابل موقوتة، وكذلك الامر في ما يتعلق بمحطات البنزين وعددها 3250 محطة، 45% منها مرخصة، 700 منتهية الصلاحية و1100 محطة غير مرخصة، وهي منتشرة في مناطقة سكنية شهدت حوادث مؤخرا، موضحا اننا لا ندعو الى اقفالها من دون توفير بدائل كون هذه المعامل أو المستودعات تشكل جزءا من الحركة الاقتصادية، ولكن يجب الكشف عليها والتأكد من مواصفات السلامة فيها، وفي المرحلة الثانية يأتي العمل على وضع مخططات توجيهية للمدن تشكل الاساس لأي عمل توسعي.

وعن واقع حال المباني أكد ان المشكلة كبيرة فمعظمها قديم، وشبكات البنى التحية فيها من مياه وصرف صحي، تشكل تهديدا لسلامة القاطنين فيها، مع انعدام الصيانة، إذ لا أحد يفرض على مالكيها صيانة دورية، وفق ما يقتضيه نظام الملكية، الذي يفرض وجود لجنة مالكين في أي مبنى تعمل على الصيانة والترميم، بمراقبة دائمة من البلديات، ولكن ذلك لا يتم، رغم وجوده في سندات الملكية؟. واكد أن معظم المباني لا يستوفي شروط السلامة العامة وتحديدا من ناحية الحرائق والبنى التحتية “، وسأل: “كم عدد المباني التي يتوافر فيها درج للهروب في حالات الاخلاء؟ وتحديدا في المباني المرتفعة والمكتظة كالمدارس والجامعات والمستشفيات والدوائر الرسمية التي يستخدمها المواطنون يوميا”. وعن “واقع البنى التحتية فيها كشبكات المياه التي أصبحت في معظمها قديمة وتسبب الأمراض، ناهيك عن شبكات الصرف الصحي التي تختلط مع مياه الشرب، أو شبكات الكهرباء التي تتداخل مع شبكات المولدات وتؤدي الى حرائق شبه يوميه في مختلف الأراضي اللبنانية”.

وقال عزام إن “85 في المئة من العائلات اللبنانية تسكن في أبنيه شيدت ما قبل الثمانينات، وهي تفتقر بمعظمها الى الحد الأدنى من معايير السلامة العامة.

وعن مقاومة الزلازل أشار عزام إلى أن في بيروت وحدها 24 تجمعا للأحياء الفقيرة تقطنها 300 الف نسمة، لا تتمتع بالحد الأدنى من المواصفات والبنى التحتية، سائلا عمن يراقب هذه المباني، لافتا إلى حادثة الملاهي في طرابلس التي سقطت فيها قتيلة؟. حتى المباني الحكومية من الذي يتأكد من أنها مطابقة للمواصفات، وفق التعبير الذي يُستخدم في ملف سلامة الغذاء، آملا ان ينسحب الامر على سلامة المباني، ولا سيما انه يحتاج إلى قرار سياسي.

وإذ طالب عزام باعتبار الحد من اخطار الكوارث أولوية وطنية، مشددا على الإرادة السياسية القوية للحكومة كضرورة لتعزيز مبدأ الحد من الكوارث وإدماجه في برامجها الإنمائية، روى كمؤشر على الواقع السياسي، ما دار في لقاء مع أحد السياسيين الذي تمنى زلزالا يضرب بيروت ولبنان ويدمر النظام السياسي فيه، لبنان الذي يعتمد على عدم الرقابة والمحاصصة والتركيبة الطائفية، التي لا تخدم إلا أصحاب النفوذ والتي لا تلتفت إلى سلامة المواطن، مؤكدا مشاركته الرأي، علنا نبني وطنا من وسط الركام الذي نعيش فيه، يعطي فيه المسؤول الاولوية لموضوع السلامة العامة، على الطرقات، وفي المباني كما في الغذاء”.

وأكد أنه بعد عشر سنوات على توقيع لبنان على اتفاقية هيوغو العالمية عام 2005، والتي تفرض إنشاء هيئة إدارة الكوارث، ما تزال هذه الهيئة بين اللجان النيابية والمجلس النيابي بسبب الخلاف المستمر على أمور وزواريب ضيقة، ولا أحد يفكر بأن الزلزال في حال حصوله لن يفرق بين جهة سياسية واخرى”.

IMG-20150509-WA0005

إبراهيم:

من جهته أمين سر “يازا” كامل ابراهيم تحدث عن المشكلة الاساسية في البلد والقائمة على رد الفعل وليس التخطيط المسبق لمواجهة المشاكل، نتيجة عدم اعتبار الحد من الكوارث اولوية وطنية، مؤكدا الحاجة الى إعداد خطط لمواجهتها وحصرها، ولكي ننطلق يجب ان يكون لدينا اسس متينة لإنشاء هيئة خاصة لإدارة الكوارث، ونحتاج الى وضع آلية عمل وطنية تهتم بالتجهيزات الضرورية للفرق التي تهتم بهذه الحالات مثل الدفاع المدني وفرق الاسعاف والاطفاء وغيرها، والى إجراء التدريبات اللازمة في المدارس والجامعات والمستشفيات لحماية السلامة العامة، دون ان ينشى التأكيد على أهمية تزويد الاجهزة المختصة بالمعدات الضرورية اللازمة للحفاظ على حياتهم وتعزيز قدرات الدفاع المدني”، مشيرا الى “انه لو وجدت الارادة السياسية الحقيقية لتوافر الدعم والتمويل اللازمان”، آملا ان “تصل هذ الصرخة الى المعنيين للمواجهة في حال حدوث الكوارث على الصعيد الوطني.

حكاية إبريق الزيت تتكرر مع كل حادثة أو خطر محدق، ندور في كل الامور والقضايا في حلقات مفرقة تعيدنا دائما إلى نقاط البداية وتتركنا على قارعة الامل وانتظار الفرج السياسي الذي لا يأتي.

لدينا القدرات والامكانات، البشرية على الأقل، والعقول الخلاقة القادرة على إيجاد الحلول للكم الهائل مما نتخبط فيه من أزمات ومشاكل، لكن العائق الاساس يبقى في العقد السياسية وفي تركيبة النظام القائم على المحاصصة والتقاسم والتوزيع الطائفي، فهل نحتاج إلى زلزال سياسي يطيح بكل ما هو قائم من صيغ بالية لنطلق عجلة البناء الحقيقي على اسس علمية نزيهة ترتقي بالوطن وتقيم وزنا للقيم الانسانية؟!…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى