شؤون لبنانية

سلام : الحكومة ليست ولن تكون بديلا من رئيس يمارس صلاحياته كاملة

 

أكد رئيس الحكومة تمام سلام في كلمة ألقاها خلال افتتاح الدورة ال 23 من منتدى الاقتصاد العربي، تحت شعار “دورة سعيد خوري” في فندق فينيسيا، أن “الحكومة ليست، ولن تكون، بديلا من رئيس في قصر بعبدا يمارس صلاحياته الدستورية كاملة”، مشددا على أنه “على الرغم من كل التجاذبات السياسية، نجحت حكومتنا في تأمين حد مقبول من الاستقرار حمى السلم الأهلي وجنب البلاد مخاطر الإنزلاق إلى توترات أمنية ليست في مصلحة أحد”.

وقال :”مرة أخرى وعلى جري العادة التي هي من طبيعتها وجوهرها منذ أن كانت تشرع بيروت أبوابها للمحبين تفتح ذراعيها للآتين من بلاد العرب، منها الحضن الدافىء ولهم الصدارة”.

أضاف: “مرة أخرى تجددون ثقة غالية ببلدنا، وبإمكاناته وطاقات ناسه، وبقدرته على اجتياز الصعاب، فتمنحوننا جرعة أمل وتفاؤل بالخروج مما نحن فيه، وبأننا بكم ومع أمثالكم، سائرون بإذن الله نحو غد أفضل. فشكرا لكم، وأهلا وسهلا بكم في بلدكم لبنان”.

وتابع: “يحتم علي الإنصاف أن أوجه تحية خاصة الى ضيوفنا من دول الخليج العربي، ليس فقط لكي أنوه بأدوارهم المؤثرة في قطاع الأعمال العربي، أو لأشيد بالنجاحات الاقتصادية التي حققتها أوطانهم السائرة على دروب النمو والتقدم، المثيرين للاعجاب والإحترام وإنما لأعلن مرة جديدة – وباسم اللبنانيين جميعا – آيات الشكر والعرفان لبلدان مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، التي وقفت إلى جانبنا وما زالت واحتضنت أبناءنا وما زالت ودعمت سلمنا واستقرارنا ومؤسساتنا وما زالت”.

وقال:”نعم باسم شعبنا الذي ما أصابه منكم إلاالخير، باسم مئات آلاف اللبنانيين المقيمين في دول الخليج العربي يجنون الرزق الحلال، باسم جميع قوانا المسلحة، ضباطا ورتباء وأفرادا، التي بدأت تتسلم اسلحتها وتجهيزاتها الجديدة بفضل الهبة السعودية. نقول شكرا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولإخوانه قادة دول مجلس التعاون على كل ما قدمتموه لنا على مر السنين. إن لبنان العربي متمسك بحبل الأخوة، حافظ للجميل وعلى عهد الوفاء باق”.

أضاف :”منذ عشر سنوات يعيش الاقتصاد اللبناني وضعا صعبا غير مسبوق، نتيجة أحداث كبرى ما فتئت تتوالى منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري رحمه الله. إغتيالات سياسية، وعدوان اسرائيلي غاشم عام 2006، وأزمة سياسية داخلية مستحكمة، وتوترات إقليمية توجتها الحرب السورية التي هجرت الى لبنان مليون ونصف مليون مواطن سوري. كل هذه الأزمات، وما رافقها من تراجع كبير لعدد السياح، أضعفت الاقتصاد اللبناني، الذي تلقى في الآونة الأخيرة ضربة إضافية نتيجة انقطاع سبل التصدير البري للمنتجات اللبنانية. لكن في مقابل هذه الصورة، نجح قطاع الأعمال الخاص في الحفاظ على مستوى عال من الأداء، مما ساعد على تماسك الوضع الاقتصادي وحال دون حصول انهيار كبير”.

وقال :”إنني، من على هذا المنبر، أوجه تحية إلى جميع الهيئات الاقتصادية وإلى القطاع الخاص اللبناني، الذي يثبت كل يوم، كفاءة ومثابرة وإصرارا، ويسجل كل يوم إنجازات تدعو للاحترام، على رغم كل المعوقات التي تعترض عمله، والتأخر في اقرار الاصلاحات المطلوبة لتحسين مناخ الأعمال في لبنان”.

وأكد أن “الخلافات السياسية، التي تطال الصغيرة والكبيرة في بلدنا، حالت للأسف حتى الآن، دون اتخاذ قرارات ورسم سياسات شديدة الأهمية تتعلق بقطاعات اقتصادية حيوية، ومن شأنها إحداث تأثير أيجابي على نسب النمو. أعطي مثالا على ذلك قرار الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى الغاز الطبيعي، بما يؤدي الى خفض نسبة التلوث والكلفة التشغيلية لمؤسسة كهرباء لبنان وللقطاع الصناعي، بالإضافة الى تحديث محطات انتاج الطاقة، إقرار المراسيم المتعلقة بإطلاق عملية استكشاف النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية. تحسين مستوى الاتصالات وخدمات الانترنت وخفض اسعارها. إقرار الموازنة العامة للدولة وغير ذلك كثير. إن كل هذه الخطوات الاستراتيجية، التي ترتدي أهمية بالغة للاقتصاد اللبناني، هي بكل بساطة خطوات ممكنة وفي متناولنا. لكن إنجاز هذه الأمور، يحتاج أولا إلى تنقية الهواء السياسي الذي نتنفسه صبحا وعشية، وإيجاد الارادة لدى الجميع بجعل المصلحة الوطنية العليا هدفا أول ووحيدا”.

أضاف: “على الرغم من كل التجاذبات السياسية، نجحت حكومتنا في تأمين حد مقبول من الاستقرار، حمى السلم الأهلي وجنب البلاد مخاطر الإنزلاق إلى توترات أمنية ليست في مصلحة أحد. لقد تحقق ذلك بفعل مناخات الحوار القائم بين القوى السياسية، والتقاء الارادات على تحصين البلاد إزاء عدوى الفوضى الرهيبة في الجوار. لكن هذا الانجاز ما كان ليتم أولا وأخيرا، لولا أولئك المنتشرين في الجبال والوديان والقرى والمدن، من جرود السلسلة الشرقية الى الضاحية الجنوبية لبيروت، ومن طرابلس الى حدودنا الجنوبية. عنيت بهم ابناءنا في الجيش والقوى الأمنية الذين نشد على أيديهم فردا فردا. إننا ماضون قدما في هذا المسار، ونؤكد أن المساس بالأمن الوطني ممنوع”.

وتابع: “إذا كان الاستقرار الأمني هو الشرط الأول لتأمين مناخ اقتصادي مؤات، فإن الشرط الأساسي الثاني هو الاستقرار السياسي الذي ما زال للأسف غير محقق. لقد قلنا وما زلنا نكرر بالصوت العالي أن لا استقرار ولا حياة سياسية سليمة من دون رئيس للجمهورية. إن الحكومة ليست، ولن تكون، بديلا من رئيس في قصر بعبدا يمارس صلاحياته الدستورية كاملة. إننا نعمل بكل ما آتانا الله من قوة ونبذل كل الجهد لتسيير عجلة الدولة، لكننا نشعر كل يوم،أن ما يكبلنا ويضعف انتاجية الحكومة وقدرتها على مواجهة المتطلبات الهائلة التي تحتاجها البلاد على كل الصعد، هو هذا الفراغ القاتل في سدة الرئاسة الأولى وعرقلة أداء السلطة التشريعية، اللذين لا يجوز الاستسلام لهما واعتبارهما أمرا طبيعيا. إن الأمر الطبيعي هو أن تنجز الإستحقاقات في أوقاتها، وأن تجدد المؤسسات الدستورية نفسها وتؤدي عملها، وفق آليات نظامنا الديموقراطي البرلماني كما حددها الدستور”.

وختم سلام :”أختم كلمتي بانحناءة أمام ذكرى من أقيم منتداكم هذا العام على إسمه. تحية إلى روح سعيد خوري، الشخصية العربية الاستثنائية، الذي سيبقى لأجيال من الاقتصاديين ورجال الاعمال العرب معلما وملهما. أهلا بكم مجددا في بيروت. أحيي جهود مجموعة الاقتصاد والأعمال المنظمة لأعمال هذا المنتدى، وأتمنى لكم النجاح”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى