شؤون لبنانية

عون في ذكرى 14 آذار: معاً لدرء الاخطار عن الوطن.. والحوار هو طريق الخلاص

46518678404390808

رعى رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون، حفل العشاء السنوي الذي نظمه “التيار الوطني الحر”، بمناسبة ذكرى 14 آذار 1989، وشارك فيه عدد من النواب والوزراء، وشخصيات وفاعليات سياسية واجتماعية، وناشطو التيار ومؤيدوه.

وكانت كلمة للعماد عون، قال فيها: “ست وعشرون سنة مضت، وما زلنا نحتفل بهذه الذكرى. لسنا من الناس الذين يتوقف الزمن معهم عند المحطات المجيدة من تاريخهم ولا حتى عند المؤلم منها. لكننا، نتذكر الماضي بكل محطاته، النيرة والمظلمة، الموجعة والمفرحة. نتوقف لنتذكر ولنأخذ العبر، لنرتكز اليها وننطلق مجددا، وتكون لنا سندا ومرشدا وهاديا“.

أضاف “قد يكون الرابع عشر من آذار من العام 1989، بالنسبة للبعض، ذكرى حرب وقصف ودمار، ولكنه في جوهره، وعلى الرغم من كل الآلام التي رافقته، جسد إرادة شعب قرر أن يكون العين التي ستقاوم المخرز، وصار الروح التي أبقت شعلة النضال الشعبي والمقاومة السلمية متوقدة طوال 15 عاما. خمسة عشر عاما انتهت بتحقيق أغلى الأحلام؛ تحرير لبنان. فتحول الشعار الذي لطالما صدحت به حناجر شباب التيار: حرية، سيادة استقلال. أمرا واقعا ومنجزا، وتكلل بالعودة الى الوطن، فكانت نهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة. هذه المرحلة أردناها أن تكون جديدة فعلا، تطوى فيها صفحة الماضي، ويتكاتف كل الأفرقاء لما فيه خير الوطن، ولبناء ما هدم في سنوات الوصاية وسنوات الفساد والإفساد“.

وتابع “بعد صدور القرار 1559 في مجلس الأمن، تيقنت من حتمية الانسحاب السوري، وتوجهت الى كافة الأطراف في لبنان، كما الى الدولة السورية، بدعوة الى لقاء يجمعنا كلنا، لبحث الوضع بعد الانسحاب، وأيضا لإيجاد المخرج المشرف له عند نهاية مهمته، ولكنني جوبهت بعدم الاكتراث وبالرفض، وأحيانا بالمكابرة. ووقعت جريمة اغتيال الرئيس الحريري، فتسرعت عملية الانسحاب السوري، وحزمت الحقائب منهيا سنوات طويلة من الإبعاد. ولكن، المفاجأة كانت في العراقيل التي جهد في وضعها مسؤولون ومتنفذون في الداخل، وأصدقاء لهم في الخارج، لتأخير عودتي الى الوطن الى ما بعد الانتخابات النيابية، والهدف كان إبعادنا عن المشاركة في الحياة السياسية المسترجعة بعد طول غياب. ولكن العودة تحققت، ولم تتأثر بمحاولات إفشالها، وكان اللقاء المؤثر معكم في ساحة الشهداء، في السابع من أيار من العام 2005، حيث شكل “التسونامي” صدمة كبيرة لكثيرين“.

وأردف “عدنا بروحية الانفتاح على جميع المكونات اللبنانية، وكانت قناعتنا أن ذكرى 14 آذار لم تعد محصورة فينا، بل صارت محطة التلاقي للحالة الاستقلالية، وعلينا أن نحصنها ونثمرها عبر خوضنا الانتخابات النيابية بالتنسيق في ما بيننا. وكانت المفاجأة الثانية، أن كل شيء كان معدا لتحجيمنا وعزلنا، وأن حلفا رباعيا قد تشكل والتحقت به كل المتناقضات السياسية ضدنا. وصار واضحا بالنسبة لنا أن هناك ليس فقط نية لإقصائنا، بل عمل ممنهج لتحقيق ذلك“.

وقال: “خضنا الانتخابات، وبالرغم من كل الترتيبات التي وضعت لإسقاطنا، أتت النتائج معاكسة تماما لما أرادوه، فكان لا بد لهم من معاودة الكرة عبر التحجيم في الحكومة. وهكذا، بدأت قصتنا الجديدة مع القوى السياسية اللبنانية، التي عايشت الوصاية على لبنان، ولم تفقه شيئا من معنى السيادة والحرية والإستقلال، فتلبست كل المعايير المعتمدة في زمن الوصاية لتفرضها على شركائها في الوطن. وشعرنا أن نضالنا لم ينته، وسيكون أطول مما تصورنا. وبدأ الحلف الرباعي يهتز تحت وطأة تناقضاته، وتبين أنه على الرغم من جميع التصريحات الوفاقية قبيل الانتخابات، فإن الخلافات السياسية كانت كبيرة، وسرعان ما ظهرت للعيان“.

أضاف “أثناء تلك المرحلة، بدأنا بمحادثات للتفاهم مع تيار المستقبل ومع حزب الله؛ لم نتوصل الى نتائج حاسمة مع المستقبل، ولكننا نجحنا في وضع وثيقة تفاهم مع حزب الله في السادس من شباط من العام 2006، ومن غريب الصدف أن التفاهم جاء بعد يوم واحد مما عرف ب”غزوة” الأشرفية. لقد عممنا هذه الوثيقة على الرأي العام، ودعونا جميع الأطراف الى الاطلاع على مضمونها والانضمام اليها، ولو شاءوا إجراء تعديلات عليها لتتلاءم مع إرادة الجميع. ولكن، للأسف، رفضت بدون أن تناقش. وربما بدون أن تقرأ. وكان أن هوجمنا بسبب ما أردناه مصالحة، وتعاطوا معها وكأنها أعدت لفريق ضد فريق آخر. ولكن القواعد الشعبية لكل الأفرقاء، تلقفتها بارتياح، مما أدى الى إزالة خطوط التماس الطائفي من النفوس، إلا لدى قلة قليلة لم تستطع أن تتخطى معتقدات مسبقة، جعلتها تتقوقع في شرنقتها الطائفية“.

وتابع “على الرغم من العدائية التي واجهتنا، طرحت من هذه الوثيقة ثلاثة بنود في الحوار الوطني، وأقرت، وهي تلك المتعلقة بالعلاقات اللبنانية – السورية، والعلاقات اللبنانية-الفلسطينية ( موضوع السلاح)، وحماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته (الاستراتيجية الدفاعية). وقبل انعقاد الجلسة الأخيرة من الحوار اندلعت حرب تموز في العام 2006، وتعددت المواقف منها، (والخفي أظهرته ويكيليكس)، أما موقفنا فكان واضحا ولا لبس فيه؛ دعمنا المقاومة لأن مبادئنا تحتم علينا أن نكون مع شعبنا عندما يتعرض لمحنة، ولأننا نؤمن بأن سنوات من الصراع مع الخارج ولا ساعات من الصراع في الداخل. وكنا متيقنين من انتصار المقاومة لأن الإنسان يمكنه أن يتغلب على الآلة عندما يكون مؤمنا بقضيته“.

وأشار إلى أن “من أهم تداعيات تلك الحرب، تصدع الحكومة وانفراط عقد التحالف الرباعي. هذه الحكومة التي كانت في الأساس تفتقد التمثيل المسيحي الصحيح، لأن أكبر كتلة مسيحية لم تكن مشاركة فيها. وبسبب التسرع في إقرار المحكمة الدولية، بشروط لم تناقش في الحكومة. انسحب الوزراء الشيعة منها، ففقدت ميثاقيتها بشكل نهائي. نزلت المعارضة الى ساحة الاعتصام بمئات الآلاف، طوال سنة ونصف السنة، للمطالبة بحكومة وحدة وطنية، تستطيع أن تتخطى نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان، وإعمار ما تهدم من البنيان والجسور، ومعالجة الوضع الاجتماعي للنازحين، وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع اللبناني. ولكن، المتبقي من الحكومة تجاهل الرأي العام الغاضب، ولم يرف له جفن. وهذا ما زاد في حدة التشنج ونشر جوا من القلق والتخوف، وأدى الى إشكالات متنقلة في أكثر من منطقة“.

ولفت إلى أنه “في هذه الأجواء أخذت الحكومة قرارات في 5 أيار، تسببت في صدامات في السابع منه. وبعد مداخلات إقليمية استضافت دولة قطر مؤتمرا للأحزاب اللبنانية، أدى الى تسوية سياسية أتت برئيس للجمهورية في الخامس والعشرين من الشهر نفسه. ومع علمنا بأن الثقة لا تجير، منحناه ثقتنا، مخاطرين بذلك بما أولانا إياه الشعب. وبالتأكيد لن تتكرر هذه الغلطة، ولن تكون هناك دوحة ثانية“.

وأوضح “في مختلف هذه المراحل التي أتينا على ذكرها، كان همنا الأساسي المحافظة على الهدوء والاستقرار. ولأننا كنا دوما مؤمنين بأن الحوار هو طريق الخلاص، وبأن لا أحد يمكنه إلغاء الآخر في لبنان، والوطن لا يستقيم إلا بالشراكة الحقيقية، كان الحوار مع الرئيس سعد الحريري في فرنسا، الذي أدى الى تأليف حكومة المصلحة الوطنية. أما المرونة التي اعتمدناها في عملنا الحكومي، فكانت كي لا يختزل وزير واحد دور الحكومة”، مؤكدا “هكذا كانت خياراتنا السياسية ولما تزل، تهدف الى الحفاظ على لبنان خارج دائرة النار المستعرة من الخليج الى المغرب العربي. والحمد لله لقد نجحنا بإنجاز هذا الهدف وبقي لبنان مستقرا، على الرغم من التناقضات التي ألهبت بعض الحناجر، ولكنها عجزت عن إلهاب الأرض. أما الخسائر التي اصابت لبنان فتبدو ضئيلة إذا ما قيست بما أصاب ويصيب دول المنطقة“.

وخاطب الحضور قائلا: “قد تتساءلون لماذا هذا السرد السريع لأحداث عشناها جميعا”، موضحا “إنما أسرد لأذكر، ولنتعلم كلنا من تجارب الماضي، فلا يكون غدنا شبيها بالأمس“.

وقال: “صحيح أن النار لم تصبنا بعد ولكنها حولنا، وإذا كنا نريد فعلا أن ننأى بلبنان عنها وعن المخاطر التي تحيط به، فهناك مهمات ملحة علينا إنجازها:

أولا: انتخاب رئيس قوي لدولة قوية بجيش قوي، يمثل بيئته تمثيلا صحيحا، وقادر على الاضطلاع بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه في هذه المرحلة الدقيقة باستقلالية تامة، ما يمكنه من التوفيق بين كل الأطراف.

ثانيا: بناء قوات مسلحة رادعة تحد من الاطماع في لبنان، وتجعل من الاعتداء عليه امرا صعبا ومكلفا، وهذا لن يتوفر إلا بتحديث الأسلحة وتأمين التدريب الملائم لأنواع الحروب التخريبية والإرهاب، وليس الاكتفاء فقط بالتفرج والتصفيق للخطابات وتحية الأبطال المستشهدين. وليعلم الجميع، أننا كلنا جيش في جرود عرسال، وفي كل لبنان. كما أننا كلنا مقاومة، ضد إسرائيل، وضد التكفيريين وضد الإرهابيين، الذين يشكلون خطرا وجوديا على لبنان، وعلى المنطقة بكافة طوائفها وإثنياتها، ومن ينتقدنا لهذا الموقف ولا يوافقنا عليه، فليعلن ذلك جهارا.

ثالثا: تحاشي الانتظار القاتل لإنجاز جميع المشاريع الانمائية المخططة، ولتنشيط الادارة وآلة الحكم، وهذا ما يضعنا جميعا امام التحدي الكبير؛ التغيير والإصلاح الذي يغطي جميع قطاعات الدولة“.

وختم “إن التحولات الحالية القادمة، لا تتحمل الانتظار، ويجب أن نواجهها متحدين، لننتقي منها ما نريده نحن، قبل أن يفرض علينا ما يريده الآخرون لنا. لذلك كلنا مدعوون اليوم لفتح صفحة جديدة، مستفيدين من عبر الماضي القريب والبعيد بيد ممدودة لبعضنا البعض، متصافحين وعاقدين العزم على العمل معا، لدرء الاخطار عن الوطن، فإن لم نستطع الخروج من سيئات الماضي، لن نليق بالغد، ولن نكون على مستوى سلوك طريق الخلاص. عشتم وعاش لبنان“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى