بقلم ناصر قنديل

هل يريد الفرنسيون دوراً؟ ليطلقوا جورج عبد الله:

nasser

– يبذل الفرنسيون جهداً استثنائياً بتوظيف ديبلوماسيتهم، وربما إهانتها بتسوّل دور في لبنان، انطلاقاً من الاستحقاق الرئاسي، متوهّمين أنّ التفاهم الإيراني ـ الأميركي قد يفضي إلى منحهم جائزة لعب دور محوري في الرئاسة اللبنانية، لتسهيل تظهير الاتفاق بين واشنطن وطهران كتفاهم إيراني مع الغرب كله، حيث تعتبر فرنسا أنّ كلمتها مؤثرة، ويظنّ الفرنسيون أنه لا يزال في مستطاعهم التحرك كمرجع لمسيحيّي الشرق، ومقاربة الاستحقاق الرئاسي اللبناني من هذه الزاوية، على رغم كلّ ما جلبوه على مسيحيّي الشرق من مظالم ومآسٍ، بسبب طبيعة مداخلتهم الرعناء والعشوائية والحاقدة في الحرب الدائرة على سورية، ووقوفهم في خندق واحد مع تركيا، سواء تحت عنوان مشروع السلطنة، الذي لا يحمل تجاهه المسيحيون الشرقيون إلا الذكريات السوداء، أو المشروع الإخواني، الذي يحرمهم من أبسط حقوق الشراكة في تقرير مصير أوطانهم، كما قالت تجربة مصر في أيام حكم الإخوان، وصولاً إلى دور باريس في تجميع بقايا تنظيم «القاعدة» وتأمين شحنهم إلى تركيا لنقلهم وتوضيعهم في سورية، حيث نال المسيحيون ما يكفي من تهجير وقتل وخراب أرزاق وكنائس، من صدد إلى معلولا، حتى ولد تنظيم «داعش» من رحم هذه الهدية الفرنسية، التي أحرقت الأخضر واليابس.

– لم ينتبه الفرنسيون أنّ الأمر ليس في مجيء جان فرنسوا جيرو، مرة ومرتين وثلاث إلى بيروت، ولا بزيارة طهران ومحاولة توسيطها للمشاركة في مساعي فرنسا لإنجاح الزيارة، وأنّ طهران لن تمنح واشنطن ولا الرياض فرصة المساومة على خيار رئاسي في لبنان، وأنّ المكانة التي يحتلها حليف إيران الرئيسي في لبنان، بات يمثل وفقاً لمعادلات الصراع مع «إسرائيل» والإرهاب، قوة إقليمية كبرى، يجب أن تدار المفاوضات معها مباشرة، حول هذا الاستحقاق، كما لم ينتبهوا إلى أنّ سمعتهم بين مسيحيّي الشرق في أدنى مستوياتها، وأنّ أحداً لن يمنحهم صفة الرعاية لمصالح المسيحيين في الشرق، بينما تتقدم روسيا سمعة ومكانة في الوسط الشعبي المسيحي، الذي ينظر إلى حزب الله وحلفائه وخصوصاً إلى الدولة السورية كنموذج للحلفاء الذين يمكن الاستناد إليهم في الملمات.

– إذا أرادت فرنسا أن تستعيد بعضاً من الدور المفقود فعليها التفكير في سلة من الإجراءات التي تردم بعض الفجوة التي تسبّبت بها السياسات الحمقاء للرئاسة الفرنسية، أول هذه الخطوات، الإفراج عن المناضل جورج عبد الله، الذي يحتجز بصورة غير قانونية لمجرّد انتمائه الفكري لخيار المقاومة ودعمه لها، ورفضه مساومة السلطات الفرنسية على هذه المبادئ، وثاني هذه الخطوات قيادة حملة معاكسة لتلك التي قادتها فرنسا لإدراج ما أسمته بالجناح العسكري لحزب الله على لوائح الإرهاب الأوروبية، فتقود حملة شطب اسم هذا الجناح الافتراضي عن تلك اللوائح الظالمة، وثالث هذه الخطوات التفكير الجدّي في مستقبل العلاقات الفرنسية ـ السورية خارج نطاق التسوّل الاستخباري للمعلومات عن الفرنسيين الذين يقاتلون في سورية ضمن صفوف «داعش» و«النصرة».

 

– خريطة طريق عسى أن يقرأها جيرو قبل مغادرته إلى باريس، عله ينقل هذه المرة لإدارته نصائح مفيدة، بدلاً من أن ينقل إلى اللبنانيين نصائح إدارته التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى