بقلم ناصر قنديل

بيكر – هاملتون للتنفيذ من سورية

nasser

ناصر قنديل

في مطلع عام 2006 تشكلت في الكونغرس الأميركي لجنة باسم لجنة أزمة العراق، ومهمتها مناقشة وتحليل الفشل الأميركي هناك، واقتراح الحلول، وترأس اللجنة السناتوران جيمس بيكر ولي هاملتون رئيسا كتلتي الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، واللجنة توصلت كما قيل إلى توصية سرية في نيسان من العام نفسه فعلق عملها إلى حين التنفيذ. وتبيّن أنّ التوصية كانت ما جرى في حرب تموز في لبنان 2006، بالرهان على أنّ تغيير قواعد الصراع في الشرق الأوسط ينطلق من مصير المقاومة، وكانت حرب أميركية عربية «إسرائيلية» وانتهت بانتصار الحلف المقاوم، فصدر تقرير اللجنة التي ضمّت نخب المجتمع الأميركي كله بعد الفشل في استيلاد شرق أوسط جديد يلائم الرؤية والمصالح الأميركية.

قال التقرير إنّ القوة محدودة الفعل في صناعة السياسة، وأنّ على واشنطن الاعتراف بحقائق السياسة في الشرق الأوسط، وأساسها أنّ القوى الصاعدة والمقرّرة تخاصم واشنطن، وهي القوى التي يشكل الانخراط معها بتسويات مدخلاً لصناعة الاستقرار وعلى رأسها إيران وسورية وحزب الله، وأنّ هذا يستدعي تفاهماً روسياً أميركياً عميقاً على الشراكة في صناعة السياسة الدولية والإقرار بمكانة قوى الشرق الأوسط الجديدة، وحجمها، إيران وملفها النووي وقدرتها الإقليمية، وسورية وتأثيرها في ملف الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» وأمن لبنان والأردن والعراق، والمقاومة قوة الردع الحاسمة في المنطقة.

منح حلفاء أميركا فرص تغيير الوقائع، قبل وضع التقرير موضع التنفيذ، وحدّدت نهاية عام 2014 مهلة لنهاية الفرصة، قبل أن يحين موعد الانسحاب من أفغانستان بعد العراق، ويصير خصوم أميركا من الصين وروسيا وإيران على المتوسط، والعنوان من يستطيع تغيير سورية، وجرى ما جرى في المنطقة من رهان على إسقاط المقاومة في فلسطين، إلى تغيير المرجعية المقررة في إيران بإغراء الدور الإمبراطوري مقابل التخلي عن المقاومة، وإغراء سورية بدور في لبنان والأردن والعراق ومشروع عملاق للتنمية الاقتصادية مقابل التخلي عن المقاومة وتقنين العلاقة بإيران، وكان التحالف القطري التركي مع «الإخوان المسلمين» لإنهاء سورية ووضع الحكم في تونس وليبيا ومصر واليمن وديعة أميركية بتصرف التحالف العثماني الجديد مقابل إسقاط سورية، ودار الزمان دورته والطريق المسدود للرهان، بعدما أنتج معه خطر الإرهاب وتجذره وتمدّده، واقتربت السنة من نهايتها والعام 2014 يعيش آخر أيامه، وسورية تنتصر بصمودها وتفرض التغيير على رغم المكابرة.

خطة دي ميستورا بداية الاعتراف بزعامة الرئيس بشار الأسد، وبجيش البرّ الوحيد في الشرق الأوسط، والتفاهم النووي مع إيران بداية التسليم لإيران بموقع يشبه دور الصين قبل نصف قرن، ووقف النار في أوكرانيا بداية انخراط مع روسيا كقوة عظمى لا تكسر، وعام 2015 عام السياسة بامتياز، والضغوط المستمرة تأكيد لا نفي لكون تقرير بيكر هاملتون هو الخطة الاستراتيجية الجديدة القديمة المؤجلة، وفي مقدمها السعي إلى حلّ للقضية الفلسطينية، يمكن أن يقدم لـ»إسرائيل» بوليصة تأمين في وجه موازين لم تعد تعمل لمصلحتها سكانياً وجغرافياً وعسكرياً.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى