ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

بين التغيير وانسداد الأفق

3

 

 

تزدحم المنطقة والعالم بالصراعات والتعقيدات، وتتوالى النظريات المبشرة بخرائط ومشاريع لعوالم جديدة، تتأرجح السيطرة فيها بين قوى صاعدة وأخرى مهيمنة، وما بينهما يكثر الحديث عن النبوءات القائلة باقتراب نهاية العالم بمكوناته القائمة مع ظهور المخلص الذي تجمع الأديان على مبدأ عودته لينقذ العالم وينشر العدالة بعدما ملئت الارض ظلما وجورا.

بالانتظار نعيش في المنطقة العربية أوضاعا قاسية لا نُحسد عليها، ويزداد تكالب العالم أجمع على التخطيط لإعادة استعمارنا بأساليبه المباشرة حينا، وتلك المواربة، التي تأتينا مموهة بشعارات جذابة عنوانها الغيرة علينا ومؤازرتنا للخلاص مما نحن فيه.

فكيف نتفاعل مع ما يجري، وهل ندرك خطورة ما نشهده من تخبّط وصراعات على أجناس الملائكة وأعدادها وانتماءاتها، فيما اعداؤنا متربصون، يحيكون الدسائس للإيقاع بنا فرائس سهلة تسيِّرها الغرائز والعصبيات؟. ولنا في الجدل القائم حول سبل مكافحة الإرهاب الزاحف علينا بدواعشه وتكفيرييه ومرتزقته خير مثال على واقع قاتم ننقاد فيه صاغرين إلى هلاكنا.

فهل حقا بلغنا الأفق المسدود ولم يعد أمامنا إلا التسليم بالقدر المحتوم، أم أننا ما نزال نملك من أوراق القوة ما يكفي للامساك بزمام الامور والفعل المؤثر لقلب الواقع والانتصار على ما يُرسم لمنطقتنا، ونحن فيها بمنزلة القلب من الجسد، يؤشر اعتلاله لشؤم مستطير، ويؤسس تعافيه لبداية الخلاص، وقد رسم بمقاومته وانتصاراتها، ولا يزال معالم طريق الحق، ووجّه البوصلة باتجاه العدو الاساس وتفرعاته المستجدة؟.

بعيدا عن قضايانا اليومية واعبائنا الثقيلة لا بد من وقفة حازمة ومن فعل جاد يوقف المهازل الدائرة، التي تستنزف طاقاتنا وخيرة شبابنا وتجهِّل العدو؟.

الخطوات معروفة والاتجاهات واضحة وسكوتنا يعني النهاية الأكيدة لحلم وطن مرتجى ما يزال يقبع في أشعارنا وأغانينا الوطنية وخطبنا الحماسية عن الحق والبطولة والعدالة والاجتماعية والانتماء وغيرها من الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع إن لم تقترن بالأفعال.

لن يكون لنا وطن يجهد فيه بعض منا للإيقاع بمقاومة واجهت وما تزال أعتى عدو في تاريخنا الحاضر وشهد لانتصاراتها العدو ذاته، فيما نعمل على تجريمها وسوق أفرادها وقادتها مخفورين إلى العدالة بتهمة تحرير الأرض وصيانة الشرف والعرض.     

ولن يكون لنا وطن طالما كانت لبعضنا جرأة التصويب على الجيش حامي الوطن وحصن دفاعه الأخير في زمن المساومة على دماء الشهداء وتبرير الجرائم وإيجاد الاعذار للقتلة والمأجورين وشذّاذ الآفاق ممن يتسترون بالدين ويقتلون باسم الانبياء.

نضع اللبنة الأولى في مدماك الوطن عندما نجمع على ضرورة محاكمة من يعتدي على جيشنا الوطني ويستبيح دماء أبنائه أيا كان موقعه وانتماؤه، وعندما نتمكن من تسمية المجرم والفاسد والمتنفِّع وكل من تسوّل له نفسه تقديم مصالحة الخاصة على ما عداها من المصالح الوطنية،

نبني الوطن الموعود عندما تستفزنا قضايانا الجوهرية المتعلقة بالوجود والمصير ونتوحد باتجاهها، وليس بفعل ما يريده الاعداء مما يقسمنا إلى طوائف وفرق متناحرة.

نحمي الوطن عندما نتنبَّه لما يبتكره اعداؤنا من آفات لإفساد شبابنا والقضاء على مستقبلهم من المخدرات الحقيقية المنتشرة بينهم على انواعها أو المصنعة المرسلة عبر الفضاءات الافتراضية.

عناوين كثيرة يمكن مناقشتها إذا صفت النيات واجتمعت الطاقات للعمل بعيدا عن التنظير وتبادل الاتهامات وتجهيل الفاعل. عندها فقط يمكننا وضع نقطة البداية فننتخب ممثلينا في الندوة البرلمانية ويكون لنا رئيس يصبح القائد الاعلى لجيش نفاخر بشهدائه وتضحيات أبنائه.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى