بقلم ناصر قنديل

جنيف ردّ واشنطن على الرياض وأنقرة

nasser

 الحديث عن انعقاد مؤتمر جنيف مجدداً يتزامن مع مجموعة من التطورات التي تشهدها الأزمة السورية، في ظل فراغ مهمة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.

– القول إن الأمر حصيلة تشاور روسي أميركي، في مناخ لا يبدو فيه أن التسويات الشاملة قد آن أوانها يعني أحد أمرين، إما أن المواجهات بين الفريقين المدعومين من موسكو وواشنطن تبلغ حداً من الخطورة، تهدد بانتقالهما إلى مواجهة تتخطى حدود سورية وتنذر بتفجير حرب أوسع وأشد خطراً، أو أن أحد الطرفين بادر الآخر منطلقاً من التفاهمات السابقة، ليطلب تحريك المشروع ووضع آلية لتنشيطه كإطار سياسي مشترك، منطلقاً من حاجاته هو إما للاستغناء عن حليفه وهو في وضع قوة، أو لإنقاذه من حال ضعف.

– معادلة خطر توسع النار السورية ليست واردة، والحليفان معلنان وواضحان، فحليف واشنطن هو ما يسميه الأميركيون بـ «المعارضة المعتدلة» وهي الائتلاف المعارض الذي ينعي حضوره ووجوده و«الجيش الحر» الذي تقول لندن إنه يلفظ أنفاسه، وحليف موسكو هو الدولة السورية وجيشها وهما في أفضل أيامهما وأفضل أيام علاقاتهما بروسيا.

– جنيف إذن مسعى أميركي لمسابقة الزمن، قبل أن تتحول الحرب على «داعش» إلى سباق ينتهي بسيطرة الجيش السوري على وسط سورية، وإنهاء كل وجود لـ «الجيش الحر» أو لمفردات «الجبهة الإسلامية» وما يمسى بـ «ثوار سورية» و«أحرار الشام» و«أجناد الشام»، وسواها من مسميات الاستخبارات الغربية والعربية، وبالمقابل سيطرة «النصرة» و«داعش» شمالاً وجنوباً على ما تبقى من مواقع لهذه المسميات التي كانت موضع رهان واشنطن.

– تستبدل واشنطن حديثها عن «معارضة معتدلة» تواجه «داعش»، وتكون الشريك السوري في حلف الحرب على الإرهاب، وتتهيأ لتكون بديلاً عن الدولة السورية التي لا ترى لها واشنطن دوراً في المشهد المقبل كما تقول، بالسعي لتسوية سياسية تنتزع فيها بقوة الحضور العسكري الأميركي دوراً لتوابعها من المعارضة قبل تلاشيها، إلى جانب الدولة التي تزداد قوة وكانت واشنطن تتحدث عن القدرة على تجاهلها.

– تخترع واشنطن دوراً لـ»الجيش الحر» في الدفاع عن عين العرب وتدخل وحدات منه تقدر بمئتي مقاتل، بعدما تحسنت الحال العسكرية وصار الوجود كعدمه، لتقول لتركيا والسعودية إن زمن الحديث عن إسقاط النظام ولى، وإن الاعتماد على وصفاتهم سيعني بلوغ اللحظة التي لا يبقى فيها من هذه «المعارضة المعتدلة» إلا الذكريات، وتصير سورية بين هوامش حدودية تحميها تركيا و«إسرائيل» لـ «النصرة وداعش» وبين عمق سورية الذي تمسكه الدولة التي يرأسها الرئيس بشار الأسد.

– تستجيب روسيا وهي تعلم أن المعارضة متخلفة عن التقاط اللحظات المناسبة للانخراط، فعندما تسمع بالحل السياسي ستتحدث كمن يمسك بنصف سورية وترفع سقف الكلام بما يضيع الوقت، ويمنح «النصرة وداعش» الوقت اللازم لإنهائها شمالاً وجنوباً، ويجعل الجيش السوري وجهاً لوجه مع هذين التنظيمين الإرهابيين، وإن كانت واشنطن قادرة على جلب جماعتها من المعارضة للواقعية والعقلانية فلمَ لا، لأن الحل السياسي سيتم وفقاً لموازين القوى، بما يحفظ لحليفتها دمشق فرصة إشراك بعض رموز المعارضة بحكومة تشتري بها دمشق فك العقوبات والإجراءات العدائية تمهيداً لانتخابات، بات معلوماً أن حجم المعارضة في نتائجها لن يكون مغايراً لما يجري في مصر وتونس وسواهما في أسوأ الأحوال، وسيؤدي كل ذلك لحلحلة الخلافات الناشئة بين موسكو وواشنطن من جهة، وواشنطن وطهران من جهة أخرى، حول حلف الحرب على الإرهاب الذي تشكل عقدة من يمثل سورية فيه محور الخلاف الكبير.

– واشنطن تريد وموسكو تريد، فهل الوقت اللازم للتحضير لجنيف أطول أم الوقت اللازم لإعلان وفاة الائتلاف المعارض، و«جيشه الحر» على رغم حقنة كوباني؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى