بقلم ناصر قنديل

مسقط لم تسقط ودمشق تفتح الباب العربي

nasser

ناصر قنديل

– مع انعقاد اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي لاستقبال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الدوحة، ومن ثم وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إليها، وانعقاد اللقاء الثلاثي للوزيرين الأميركي والروسي مع الوزير السعودي عادل الجبير، سارع بعض المتابعين إلى التساؤل عما إذا كان ظهور الدوحة كعنوان لاجتماعات صناعة التسويات دليلاً على سقوط مسقط التي كانت قد ظهرت بحكم حرصها على البقاء في موقع وسطي تجاه ملفات الخصومة الخليجية مع إيران وسورية والحوثيين في اليمن، وإشارة على نجاح الدوحة باسترداد صفة عاصمة الحلول التي بدا أنّ مسقط قد استعدّت لها وبدأت ملامح اعتمادها منذ استضافتها للقاءات الأميركية الإيرانية قبل عام وما تلاها من استضافة اللقاءات الأميركية بالحوثيين.

– تأتي زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى مسقط تلبية لدعوة رسمية من نظيره العُماني يوسف بن علوي تذكيراً بمكانة مسقط في زمن التسويات، وتأكيداً أنّ مسقط لم تسقط، والأهمّ تحديد الفارق الذي قد يفوت البعض بين دوري الدوحة ومسقط، لكن الأهمّ طبعاً أنّ مسقط تظهر الإقدام في لحظات محسوبة، فهي لم تقطع علاقاتها بسورية أسوة بدول الخليج الأخرى، لكنها لم تبادر إلى توجيه الدعوة للوزير المعلم في ظروف غير مناسبة، أو ظروف التحدّي لدول الخليج التي تجتمع معها تحت قبة مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، بل اختارت التوقيت المناسب لتكون زيارتها أول زيارة للوزير المعلم لدولة عربية منذ أربع سنوات، ولتكون الزيارة خارج خطابات التنديد والاحتجاج الخليجية بل بداية مسار سيلحقه زملاء بن علوي في دول الخليج الأخرى، خصوصاً لما تعلمه مسقط عن الذي دار حتى الآن في مسار العلاقات السعودية السورية الذي لا تختصره خطابات الإعلام فيما تعرف مسقط الكثير عن الاجتماعات الثنائية التي أجرتها السعودية مع مسؤولين سوريين كبار، وتأتي مسقط لتفتح مسار التطبيع العلني للعلاقة مع الدولة السورية وتقول هذا هو الطريق، وتعلن نهاية زمن القطيعة ورهانات العزلة التي راهن كثيرون أن يفرضوها على سورية، فمسقط حسبتها جيداً وجدّدت حجز مقعدها.

– الحركة الديبلوماسية العُمانية ليست استعراضية، ولا تحكمها الاستفزازات فهي لا تقدّم حيث يستطيع الآخرون، بل تحديداً حيث لا يستطيع الآخرون، وهذه هي قيمتها المضافة، فهي استضافت لقاء دول الخمسة زائداً واحداً مع إيران وتوّجته بلقاء الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف واللقاء الثلاثي الذي جمعهما بالوزير العماني يوسف بن علوي، يوم لم يكن ممكناً أن يتجرأ خليجي آخر على فعل ذلك والتقدّم كصديق مشترك للأميركيين والإيرانيين معاً، ولقاءات مسقط أو ما تصرّ الصحافة الغربية على تسميته اتفاقات مسقط لا تزال هي القواعد التي حكمت مسار التفاهم النووي وتالياً العلاقات الأميركية الإيرانية تجاه المسائل الإقليمية وما ترجمته واشنطن باعتماد مسقط للقاءات متكرّرة مع الحوثيين.

– الدوحة تستطيع أن تجمع وزراء خارجية الخليج مع الأميركيين والروس لكنها لن تستطيع استضافة أول لقاء خليجي إيراني ولا أول لقاء خليجي سوري ولا أول لقاء يضمّ الحوثيين والسعوديين، ولذلك تستطيع الدوحة أن تشكل عاصمة خلفية للرياض، لكنها لا تستطيع أن تكون عاصمة التسويات لأنها لم تحسن التصرف والمخاطرة بالحفاظ على الموقع الوسط يوم فتحت نيران الحروب على إيران وسورية والحوثيين، ولن تتمّ مكافأة من شارك بإعلان الحرب ليكون عاصمة السلام، كانت شكراً قطر لأنها وقفت مع المقاومة وسورية في العام 2006، واستحقت أن تهدى تفاهم اللبنانيين على أرضها بقرار من قوى المقاومة وتشجيع سوري إيراني، واليوم سيكون الشعار مسقط فقط تكريماً وتعزيزاً لمن رفض الشراكة في حفلة الجنون التي استهدفت سورية وحلف المقاومة.

– زيارة المعلم إلى مسقط إعلان ثنائي مدروس بتوقيت مدروس شارك الإيرانيون في هندسته، ليكون إعلاناً من قلب الخليج على نهاية الحرب الديبلوماسية على سورية، فمسقط صديق لإيران لكنها صديق لأميركا، ولا تقدم على ما يشتري لها خصومة السعودية.

– مبروك لسورية ومبروك لعُمان.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى