ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

مهرجانات عالمية بنكهة لبنانية

 150423065307927

  فاطمة طفيلي

مهرجانات الصيف في لبنان باتت اشبه باحتفاليات حياة في محيط تكاد تطغى على سكينة الموت العابقة بروائح الدم والحرائق المنتشرة في أكثر من بقعة ومكان، لولا صخب المعارك وأزيز الرصاص ودوي المدافع والانفجارات في محيط يغلي وتلفحنا حرارة أحداثه، لكنها إلى الآن على الاقل ورغم كل ما يجري، غير قادرة على استدراجنا إلى أتونها، وتجدنا ونحن نرقب المؤتمرات الصحافية المحددة لبرامج ومواعيد هذه المحطات السنوية، وأسماء الضيوف نستبشر خيرا ونتفاءل بصيف مستقر، تضاف إلى حرارته المرتفعة سخونة الفن ولياليه المشرقة بالنجوم المشاركين، ولكن…

صحيح أن التحديات التي يواجهها المنظمون والقائمون على هذه المهرجانات كثيرة وكبيرة، ولكنها ليست مبررا كافيا لأن يبالغ بعضهم  بالاعتماد على الفنانين الأجانب والفرق العالمية، للقول بأننا قادرون على اكتساب ثقة العالم والفوز بمشاركة نجومه في إحياء مهرجانات اكتسبت عراقة وسمعة كرسها عمالقة وكبار الفن في لبنان، الذين وضعوا المدماك الاساس في هذه التظاهرة الفنية من خلال مهرجانات بعلبك، ممن كتبت أسماؤهم بأحرف من نور في تاريخ الفن العربي، وحملوا لبنان بإبداعاتهم وفنهم الراقي إلى العالمية، وهم الاساس في اهتمام العالم بنا وبتراثنا الفني المستمر رغم كل العلق النابت على الحواشي، ورغم فقداننا للكبار ممن أرسوا اسس الفن والاصالة، إلا أننا لا نفتقر إلى النجوم المبدعين  القادرين على التميز  ورسم الصورة الحقيقية للبنان الذي نتغنى به ونفتخر، لبنان الرحابنة وفيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين…  لبنان فيلمون وهبي وزكي ناصيف…  لبنان شوشو ونبيه أبو الحسن واللائحة تطول، ليبقى السؤال الأساس أين هذا اللبنان وما هي نسبة تمثيله!.

لا نبالغ إذا قلنا ان عددا من البرامج المعلنة يصح فيها القول بأنها مهرجانات أجنبية بنكهة لبنانية تمثلت بمشاركة فنانين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وهي نسبة متواضعة جدا قياسا إلى الاسماء والعناوين الأجنبية، على غرار مهرجان بيبلوسن الذي يكاد ينحصر تمثيل لبنان فيه بليلة واحدة هي ليلة السابع من آب، التي تحييها الفنانة هبة طوجي، ومع تقديرنا لأهمية المشاركات الدولية في تظاهرة هي جزء من تراثنا الحضاري، نتفاعل من خلالها مع محيطنا العربي ومع العالم أجمع، نطمح إلى أن تكون فرصة لدعم الفن والفنانين في لبنان، ومحطة لاستعراض ما لدينا من قدرات وطاقات فنية، وبينهم كبار ما يزالون في قمة عطائهم، وفي مشاركتهم غنى وفخر للبنان واللبنانيين.

ولا بد من الاشارة إلى أن مهرجانات بيت الدين، التي انطلقت عام 1985 وتحتفل بالذكرى الثلاثين لتأسيسها استطاعت ان تحافظ على غناها وتنوعها، وهي تفرد هذا العام مساحة للمسرح بليال ثلاث في 20 و21 و22 آب، مخصصة لعرض مسرحية غنائية اسمها “بار فاروق” إخراج هشام جابر مع ياسمينة فايض، تعيد إحياء المشهد الفني لبيروت بين الثلاثينات والسبعينات من المسرح الشعبي الى موسيقى الكاباريه والرقص من خلال العمل مع رموز مثل شوشو وصباح وفريال كريم والشاعر الشعبي عمر الزعني، يواكب المهرجان معرض يتضمّن لوحات ومخطوطات أصلية تحمل توقيع الاديب اللبناني جبران خليل جبران من متحفه في بشري بالتعاون مع لجنة جبران الوطنية.

وبعدما أنجزت الاتفاقات وتحددت الاسماء، واعلنت برامج المهرجانات الدولية وأبرزها في مناطق السياحة والعراقة من بعلبك إلى البترون وجونية وبيبلوس والأرز وبيت الدين وغيرها الكثير من المناطقة، دون ان ننسى الاحتفالات القروية الآخذة بالتوسع في كل المناطق اللبنانية،  لا نملك إلا الأمل بأن تجري الامور على أحسن حال، ليتمكن اللبنانيون من الاستماع بالقدر الاكبر من الراحة والاستقرار، في ظل انفراج المشاكل والازمات، علها تكون بداية تعافي هذا البلد وخلاصه، ليعود إلى دوره الريادي فنا وأدبا وثقافة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى