بقلم غالب قنديل

الصين كابوس أميركي متعاظم

 

غالب قنديل

ظاهر الأمور يشير الى تنقّل القلق الأميركي بين روسيا وإيران وسائر ساحات وجبهات المشرق وصولا الى اليمن مرورا بلبنان، البلد الذي تعاظم ثقله النوعيّ بمقاومة تستحق ما يعيشه أعداؤها من كوابيس طاقتها الرادعة وغير التقليدية، بعدما نجحت في تكتيف واشنطن وتل أبيب معا، وانتزعت لبلدها معادلة التحرّر من ترهيب الحروب العدوانية. وكانت مؤخرا الصانع الفعلي لإنجاز التحوّل بلدا منتجا للطاقة غازا ونفطا.

الارتعاب والتوجّس الأميركي الحقيقي الذي تخفيه أقنعة المكابرة وماكياجات التنمّر، والادّعاء المتغطرس بتشوّف القوة العظمى، الأحادية المهيمنة كونيا، يهتزّ ويتهتّك أمام مؤشرات الصعود الصينيّ المتواصل، ومع تشعّب مظاهر النمو والتفوّق الصيني في شتّى مجالات العلوم والتكنولوجيا والصناعات الاستهلاكية والعملاقة السلمية والحربية، ناهيك عن التقدّم العلميّ والبحثيّ المتشعّب والمتنوّع بصورة مذهلة.

 

احتفاظ الولايات المتحدة بمنصّات ازعاج وتهديد في محيط الصين القريب والبعيد برهان مبرم على تلك الحقيقة، التي ليس أدلّ عليها من الاحتفاظ بالحلف الوثيق مع النظام الدمية في ما يسمى بالصين الوطنية، لتبقى شوكة في خاصرة المارد الصيني.

 

فتلك قاعدة استنزاف ومراقبة وتجسّس محمية بقدرات أميركية ضخمة، تُسخّر لها إمكانات عسكرية وتقنية ومالية، ليتاح بواسطتها فعل المشاغبة والتشويش على الاقتصاد الصيني العملاق، من خلال المنصّات المموّلة أميركيا، والممسوكة بدافع استنزاف الصين وخنقها والنيل من سمعتها السياسية وقدراتها الاقتصادية والتجارية.

 

اللحظة الخطرة التي يخشاها الأميركيون في كوابيسهم، هي قرار الصين بالانتقال الى المبادرة عالميا، والتطلّع الى حجم سياسيّ يناسب الحجم الاقتصادي والمالي، وهذا التحوّل هو حاصل سنّة سيرورة الدول وارتقاء المجتمعات اقتصاديا وحضاريا، كما تبرهن تجارب كثير من البلدان والأمم على مرّ العصور القديمة والحديثة.

 

كان ولا يزال التوسّع في الشراكات والفتوحات، حربا وسلما، حاصل فيض القوة وتناميها ضمن النطاق الوطني، بما يزيد نوعيا عن حاجات الداخل أو يقتضي التطلّع الى مزيد من الموارد والأسواق.

 

الصين المستقرّة في نموّها وتطوّرها، والمتعاظمة بقدراتها وإمكاناتها المتشعبة صناعيا وزراعيا، بلغت حدّ إمبريالية السوق في ديناميتها التجارية، مع ميزة العلاقات الندّية المتكافئة والسلمية البعيدة عن منهجية الهيمنة والنهب اللصيقة بالغرب الأوروبي والأميركي.

 

الصين التي ترفل بفيض من الثروات وبمعدّلات نمو، هي الأعلى عالميا، تتميّز بروح المسالمة والإخاء الشرقيّ في علاقاتها الكونية، تقدّم نموذجا متفوّقا، إنسانيا وحضاريا، على الغانغستر الأميركي واللصّ الأوروبي الخبيث نموذجي الخسّة والنذالة والدموية، الذي عرفته بلدان منطقتنا، وخبرت أحطّ تجلياته في زرع الكيان الصهيوني، مخلبا استعماريّا، ما زال يثير نزيفا لا يتوقف على امتداد المنطقة العربية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى