بقلم غالب قنديل

الرعاية الصحية الشاملة حق بديهي وطبيعي 

 

غالب قنديل

لطالما تغنّى لبنان بجسمه الطبي وبجودة مرافقه الصحية وخدماتها، التي استحقت إسباغ لقب مستشفى الشرق على البلد كلّه. وللأسف، بدلا من ترسيخ المزايا والبناء عليها وتحصينها، عانت مثل سائر العلامات المضيئة من تأثيرات ونتائج التآكل والانهيار المتدرّج حتى وقوع الكارثة.

بحكم النظام القائم ونتيجة الكارثة وتداعياتها، فُتحت أبواب البلد والنوافذ أمام عصف الأعاصير، حتى صارت مواسم الرحيل والنزوح موجا جارفا، يأخذ معه آلاف الأدمغة والكفاءات الطبية والعلمية المميزة، التي انهمرت أمامها العروض المغرية من الخارج، بينما هي تعيش ضيقا متزايدا ومعاناة تتوسع دوائرها ومجالاتها.

نسأل اليوم حكومتنا الحالية وسابقاتها عمّا فعلته لوقف هذا النزيف الخطير، الذي نلمسه في كل ثنايا واقعنا الطبي والصحي، الذي يعيشه اللبنانيون ويلمسون آثاره، وحيث باتت الأمور تستدعي بحثا معمّقا ومعالجة عاجلة حتى لا نقع في الأدهى.

كلّ قضية أو مشكلة تتخذ صفة الشمول، وتتوسع دوائر نتائجها وارتدادها، يفترض علميا التعامل معها كقضية عامة، تخص المجتمع بأسره. وفي الموضوع الصحي معضلة دقيقة وخطيرة، يفترض وضعها قيد النقاش والتداول.

بتنا في حال الانهيار بلدا يشبه الثوب المهلهل، الذي كلما رُتق منه فتق انخزقت وانفتحت فتوق. ويقينا، إن القطاع الطبي، هو من أهم موارد الاستثمار المستقبلي في لبنان، الذي مرّت أيام لّقب فيها بمستشفى الشرق. واذا تأمنت لمن مكث من الكادر الطبي والتمريضي إمكانات بسيطة، يمكن أن تثبته في الوطن، كما يمكن بالقليل من الحوافز والتسهيلات توجيه استثمارات جديدة نحو الخدمات الطبية.

نقترح استصدار قانون، يعفي من أي ضريبة أو رسم، ولمدة عشر سنوات، سائر الاستثمارات والمشاريع المتعلّقة بإنشاء مستشفيات ومختبرات طبية أو منتجعات صحية متخصصة، بشرط خضوعها للقواعد والأصول المهنية والعلمية المعمول بها والمتعارف عليها.

في لبنان صروح طبية واستشفائية كانت سابقا علامات فارقة. وقد استقطبت وجذبت آلاف طالبي العلاج والاستشفاء من البلاد العربية الشقيقة، وينبغي تكريس الجهود لإنعاشها واحيائها، وفتح أبواب ومجالات التوسع والتطور أمامها، واضافة المزيد اليها.

لو تضافرت الجهود والخبرات في هذا المجال بالذات، لأمكن أن يشكّل رافعة تطوّر وتقدّم، وبداية إحياء لميزة نوعية، طالما تفاخر بها اللبنانيون.

إن فكرة مستشفى الشرق تعني قانونا، يعفي مشاريع المستشفيات والمرافق العلاجية المتخصّصة من الضرائب والرسوم، كما يجمع بين مفهوم الخدمة العامة، التي تضمن حقّ الطبابة والاستشفاء، ورعاية الاستثمار المكرّس للسياحة الطبية بكلّ الرفاهية والعناية المتضمّنة حكما في مرافقها المميزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى