بقلم غالب قنديل

شباب فلسطين يبادرون بشجاعة رغم الخيانة 

 

غالب قنديل

تكرّس القيادة الرسمية الفلسطينية انفصالها عن شعبها وحركته التحرّرية، وانحرافها الخياني في انفصام بلغ درجة اشتراكها في قمع التحركات الشعبية، ومطاردة الفدائيين من أبطال الأرض المحتلة الشجعان بإشراف الضباط والقادة الصهاينة.

تكرّرت فصول ومشاهد المأساة المهزلة في تداعيات بعضها مشين، يلحق العار بالسلطة الفلسطينية وقادتها، الذين يحملون على أكتفاهم ارتباطهم وخيانتهم وعبء دماء وأرواح الفدائيين الأبطال، الذين سهّلوا تصفيتهم أو شاركوا في قتلهم.

 

إنها الخيانة المبرمة التي لا نجد معها مبرّرا للصمت، ولا يمكن أن نقبل تبريرات سخيفة، ترددها بيانات مشينة عن وحدة الصف. فأيّ صف هذا، الذي يجمع الفدائي البطل بالخائن العميل والمخبر عند جيش الاحتلال، سواء كانت يافطته السلطة الفلسطينية مجتمعة بمؤسساتها ورموزها، أم أيّ من الفصائل التي مزّقت القضية وطعنتها يوم وقذعت صكّ الاعتراف بالدولة العبرية.

 

منذ اتفاق أوسلو المشؤوم، تتواصل المهزلة، ورغم كلّ محاولات التلميع والتسويق والتضليل، تنبعث شعلة المقاومة، وتتجدّد الانتفاضات، ويتصاعد الموج الثوري الهادر. فلا يملك الغزاة ولا من خانوا واستسلموا قدرة على وقفه أو وضع حدّ له، وهم يخشون تعاظمه، فيزدادون خسّة وتآمرا، ما يزيد الأباة تصميما وإقداما.

 

يوماً بعد آخر، تؤكد الضفة الغربية المحتلّة حضورها مع مزيد من خبرات وتجربة، باتت ترعب العدو بتكاثر بؤر المقاومة، التي تزلزل الاحتلال، بينما يتواصل تعاقب العمليات والهجمات ومبادرات الاشتباك في نهضة ثورية فدائية، سطّرت فصلا جديدا أدمى الكيان الصهيوني وجيشه، الذي صعق وتبدّى مذهولا مشلولا أمام الأبطال المبادرين.

 

ساد انتعاش معنوي في الشارع الفلسطيني، الذي ألهبت حماسته مبادرات شجاعة، بينما كثّف العدو عمليات الاعتقال، في سياق تدابير تفتيش واسعة، لم توفّر أيّ مكان في مدن وبلدات الضفة، التي تواترت فيها المواجهات مع الاحتلال وهبّات الأهالي في نفير وطني ثوري، قابله الاحتلال بفرض الإغلاق الشامل في الضفة، مذعورا من عدوى العمليات وخطر انتشارها.

 

هكذا تواترت، بعد كلّ عملية فدائية، اعتقالات صهيونية ضدّ شبان بدعوى تخطيطهم لتنفيذ عملية في سلواد، التي شهدت اشتباكات عنيفة. في وقت أعلنت فيه سلطات الاحتلال فرض إغلاق شامل، بينما تعتمل ثورة الغضب وعزيمة الاشتباك في المخيمات والبلدات الفلسطينية، ما ينبئ بتدحرج كرة اللهب وتوسَّع دائرة الاشتباك.

 

بإيقاع المعارك المتنقّلة ارتقى المزيد من الشهداء في الضفة الغربية المحتلة. وقد استشهد، خلال يومين ستة شبان، بعد اندلاع مواجهات عنيفة، شارك فيها عشرات الفلسطينيين، فضلاً عن تسجيل عدد من عمليات إطلاق النار نحو أهداف صهيونية، بينما تستمر التداعيات، وتتوسع التردّدات الشعبية لهذه النهضة الفدائية النوعية.

 

إنها نهضة واعدة للعمل المقاوم، سيكون لها الكثير من النتائج والتداعيات. ويفترض تضافر الجهود في الداخل والشتات لتطوير وتأصيل وعي جديد، ومبادرات حاضنة لنماذج المقاومة الجديدة، التي تحيي أمل النصر والتحرير، وسوف تستقطب أفواجا متزايدة من الشباب الباحث عن فرص الاشتباك والتضحية حتى الاستشهاد.

 

فلسطين ولّادة الأبطال تنجب أجيالا مقاتلة، يشتد بأسها، تتوارث خبرات ومزايا ثورية، وتندفع في تعاقب موجات أشدّ وقعا وفاعلية، تدحرج الكيان الغاصب في بؤر استنزاف نحو نهايته المحتومة. والغد لناظره قريب.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى