بقلم غالب قنديل

الكيان الصهيوني وكابوس رفع العقوبات عن إيران

 

غالب قنديل

يكتسح العناد الإيراني المُواكب لتصاعد القوة والاقتدار مزيدا من العوائق من طريق تطور ثوريّ مدهش، وبنسق هجومي، يجمع بين الفطنة الاستراتيجية والسياسية والبراعة الاحترافية في المناورة والحزم في انتزاع التنازلات، وتثبيت الاعتراف بالحقوق خلال مفاوضات، وصفها المرشد الخامنئي بالملحمة، ليعطي معناها حقّه في وعي شعبه، وليحصن المفاوض الإيراني ويعظم انجاز انتزاع التسليم بحقوق إيران، وهو بذلك، صنع هالة تاريخية للمسار والخاتمة، عمقت وعي الشعب لقيمة الإنجاز في حاصل تضحيات هائلة.

عظمة الإنجاز تتبدى من خلال تأثيره الساطع في وزن ايران الدولي والإقليمي، وعبر ما تشي به قوة الطموحات الإيرانية اقتصاديا وتكنولوجيا، وانعكاس تصاعد قدراتها بعد تحرّرها من قيود كثيرة، صاحبت الاشتباك والصراع في ملحمة التفاوض ومقاومة الحصار، الذي سقطت جلُّ مفاعيله ومعظم نتائجه.

اختارت إيران طريق الشراكات الشرقية الحرّة، واستندت الى مصداقية عالية، وَسَمَت علاقاتها الوطيدة مع كلٍّ من روسيا والصين، وتمكّنت، بذلك وبفضل تلك الصداقات والشراكات، أن تفرض على الإمبراطورية الأميركية ودول أوروبا الغربية الاعتراف بحقوقها النووية.

اليوم باتت إيران على أبواب التحرّر من العقوبات والقيود، التي كبّلت نموها وتطور قدراتها لسنوات، أتقنت فيها قيادة الجمهورية عقد الشراكات المجزية والمتكافئة واكتسبت كما وهبت شركاءها قوة مادية ومعنوية هائلة كما ونوعا في جميع المجالات والمستويات السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية واليوم يجد فيها سائر أحرار الشرق السند والظهير والمرجع الموثوق الذي لا يبخل بتقديم المساعدة والمشورة في الظروف الصعبة والمحن العاصفة كما برهنت الأحداث والتطورات المتلاحقة.

يعيش الكيان الصهيوني حالة رعب وقلق من نتائج هذا التطور، وانعكاسه على موازين القوى في المنطقة، وبالذات مع تعاظم قوة إيران والحلف المقاوم، وما سوف توفّره الجمهورية من موارد إضافية لتطوير قدرات وإمكانات حلفائها، قياسا على حاصل التجربة خلال العقود الماضية منذ صعود نجم المقاومة، التي قادها حزب الله في لبنان باحتضان إيراني سوري.

يحسب المخططون الصهاينة كلّ الحساب مع الاعتراف الأميركي بالقوة الإيرانية، وأثر الرضوخ لمعادلات القوة الجديدة نتيجة انعتاق سورية من حلقة الاستنزاف والخراب، وتحرّر إيران من العقوبات في اجتماع روافد النهضة المشرقية على جسور الشراكة الوثيقة والثقة المتبادلة والعميقة، التي تغلغلت في الوجدان الشعبي على امتداد المشرق.

إن المستقبل القريب سيفيض بوقائع التغيير، الذي يحرّكه صعود القوة الإيرانية الشرقية الهائلة، المؤهلة لقلب المعادلات، وتغيير وجه المنطقة ووجهتها بعد تراكم الإمكانات الإيرانية المتعاظمة اقتصاديا وماليا وتقنيا وعسكريا، وهو تحوّل سوف يبدّل وجهة الأحداث بعد اكتمال فصول تحرّر إيران من العقوبات، وهو يستبطن مخاوف أميركية صهيونية متزايدة من التداعيات، التي أومأ إليها السفير الصهيوني السابق في واشنطن، داني أيالون، والذي نقلته القناة 13 العبرية، والذي اعتبر تسريب مسألة إزالة الحرس الثوري من القائمة، يهدف إلى فحص ردود الفعل.

بحسب التقديرات الصهيونية، إن الاتفاق النووي سيفرض تحدّيات إضافية على تل أبيب، خصوصاً أن إدارة بايدن لم تستطع الصمود أمام تمسّك طهران بخطوطها الحمراء، بل تخلّت عن وعدها بالتوصّل إلى صفقة أقوى وأطول، لتجد تل أبيب نفسها أمام اتفاق، اعتبرته أشدّ خطورة بعد التطوّر التكنولوجي والنووي، الذي أحرزته إيران، وحجم التطور المحقق في تقنيات التخصيب ومعداته الأحدث. ويفاقم الرهاب الصهيوني الرضوخ الأميركي لرفض إيران تدمير منظومات الطرد المركزي المتطوّرة، التي أنتجتها بكميات وافية وبمواصفات تقنية جيدة، الى جانب مخزون يعتدّ به من اليورانيوم المخصّب والقابل للتحويل والاستخدام في إطار البرامج الصناعية السلمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى