بقلم غالب قنديل

صعود إيران وسرّ التجدّد والقوّة

 

غالب قنديل

تقدّم الجمهورية الإسلامية في انتخاباتها الرئاسية مثالها المتجدد لمسيرة التنمية والتطور والاستقلال في الشرق والعالم، وهي تزهو بعناصر تميّز وازدهار في قلب ملحمة البناء المستمرة لقوتها الاقتصادية ولنموذجها في التنمية والتطور بقوة دافعة تاريخيا، هي حيوية الأجيال الفتية، التي يجيد النظام السياسي مواكبتها، وملاقاة تطلعاتها الحضارية الطموحة، واستقطابها في مسيرة البناء والتقدم العصري لدولة حديثة، تكتسب موقعا طليعيا متقدما بين الأمم بمؤشرات التنمية وعدالة توزيع الثروة والتقدم العلمي والتكنولوجي. وقد باتت قوة إقليمية وقارية فاعلة وواعدة، تحولت خلال عقود إلى منارة مشعة ملهمة في مسيرة الاستقلال السياسي والاقتصادي والتنمية والتطور الاقتصادي والتكنولوجي.

أولا: من عناصر القوة والتألّق المميزة لهذه التجربة أن البناء الذاتي للمقدرات الاقتصادية والعسكرية العملاقة تمّ في ظل تضحيات ومساهمات جليلة قدمتها إيران، وبذلتها ومن ثرواتها ومن شبابها في معارك الدفاع عن الشرق والتضامن مع المضطهدين والمظلومين، فقدمت تضحيات هائلة في سبيل إنجازات كلفت الجمهورية وشعبها ثروات ودماء تتنعّم بثمارها بلدان شقيقة وما تزال، واليوم يشعر بالعرفان وبدفء الأخوة الإيرانية وفيضها العظيم أبناء فلسطين ولبنان وسورية واليمن والعراق، وهم يُكبِرون في الجمهورية شعبا وقيادة تقاليد التواضع وروح التضحية في مآثر الأخوة والنخوة دون حساب.

إن شهداء إيران من المقاتلين والمدربين وناقلي السلاح والخبرات إلى طلائع المقاومة المؤسسة في لبنان، يوم عزّ النصير، كانوا رسلا لأخوة المصير. وقد سطّر خبراء وجنود وضباط إيرانيون مزيدا من صفحات المجد والبطولة بعد لبنان، وفاضوا بفضائل التضحية والأخوة في سبيل سورية وفلسطين والعراق واليمن على مدى العقود الماضية، فكانوا شركاء الصمود والنصر في جميع ميادين الشرق العظيم.

ثانيا: بينما تثبت الجمهورية الإسلامية مسارها الصاعد في طريق التنمية والتقدم، فإن صمودها وتقدّمها وإشعاعها يفيض على سائر البلدان الشقيقة، ويحمل معه وعودا ثمينة بفرص وإنجازات، يمكن لبلداننا مراكمتها والتطلّع إليها من خلال الشراكة والتعاون مع القوة الإيرانية الصاعدة، التي تحصّن مناعتها وتماسكها وثباتها بانتخاباتها الرئاسية، فيتحول هذا الاستحقاق الإيراني إلى محطة سعيدة في جميع أرجاء المشرق ولدى سائر الشعوب الشقيقة ورفاق الصمود والمقاومة، وحيث ستبقى أرواح شهداء الحرس الثوري من المدربين والمحاربين الشجعان والقادة علامة فارقة في الوجدان التاريخي والذاكرة الجمعية لبلداننا وشعوبنا وطلائعنا التحررية. ومن الطبيعي أن يحسّ كل مواطن في المشرق بأنه معني بمشاركة الأشقاء الإيرانيين مشاعر الاحتفال والزهو بأي انجاز يحرزونه في مسيرتهم  المتألّقة المجبولة بالتضحيات.

كما هي باقية مخلّدة في ذاكرة أهلنا في سورية والعراق ولبنان وفلسطين تضحيات ضباط ومدربين وجنود ايرانيين، تقدمهم القائد التاريخي والملهم لفرسان  المقاومة والتحرر من تلامذته في جميع بلداننا، وهو الشهيد الخالد الفريق قاسم سليماني، الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم في فصول مجيدة من معارك التحرّر. ولا شك إن تلك الأرواح العظيمة، هي التي أسست لنهضة شرق قوي ومتضامن بدور طليعي متقدم لإيران، التي تحتفل بتطوّر بنيانها السياسي والاقتصادي المزدهر، وترسّخ إنجازاتها العظيمة في انتخابات ديمقراطية جديدة ضمن مسار جمهوريتها المتجدّدة.

ثالثا: إن هذا الحدث الهام في منطقتنا يتخطى احتفالية التضامن إلى التقاط العِبر من التجربة الغنية والملهمة في رسوخها وتطورها وتأصيل خياراتها الاستراتيجية، التي جعلت منها ركنا لتكتّل عالمي صاعد، يشق طريقه، ويفرض توازنات وتراكمات تغيّر البيئة الدولية، وتلجم الغطرسة الاستعمارية في العالم كله. وهذا ما تنعم بفيضه شعوب وبلدان متزايدة في العالم المعاصر، باتت تربطها علاقات صداقة وودّ وتعاون وشراكة مع إيران، التي مدّت جسور الصداقة عبر المحيطات والبحار، وقدّمت نموذجا خلّاقا وملهما للأخوة الإنسانية والإيثار في عالم يزيده الغرب الاستعماري توحّشا وأنانية. وصفحات إيران البيضاء والمشرقة في تقديم ما تسطيع، بميثاق الأخوة الإنسانية عبر البحار والمحيطات، يجسد روح الخميني العظيم ورسالته الفكرية الإنسانية ضد الاستعمار والهيمنة، التي ما تزال رافدا متجدّدا لفكرة التحرّر في العالم المعاصر. وكلّ استحقاق ديمقراطي يعيشه الإيرانيون في انتخاباتهم المتعاقبة، هو مناسبة أممية لاحتفال شعوب الأرض، وتأكيد متجدّد لدور حضاري، يستند إلى قوة راسخة قادرة على النمو والتطوّر والتجدّد وصدّ التحديات لشعب عريق وعظيم، رفع مشاعل الحضارة والتنمية، وأرسى ميراثا خالدا من الإخاء والتضحية في سبيل بلدان وشعوب شقيقة، تشارك اليوم إيران الثورة أعراسها بكل فرح، وتزهو بأخوتها.

ستثبت المراحل المقبلة مزيدا من منجزات  تطوّر القلعة الإيرانية وتقدّمها الحضاري، وهي ستشهد ما تختزنه الجمهورية العظيمة من وعود سعيدة ومبشّرة لجميع رفاق التحرّر والتضامن والاستقلال في العالم، وللشعب الإيراني العظيم، الذي قدّم، بتلاحمه وبتضحياته المشرِّفة وبتضامنه مع الأشقاء والأصدقاء، نموذجا ملهما في الإيثار والتضامن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى