مقالات مختارة

الجميع في مركب متداع واحد: عمر عبد القادر غندور*

مرّت الاستشارات النيابية الملزمة بسلام وهدوء وتمّ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة بأكثرية 65 صوتاً، بانتظار مشاورات تشكيل الحكومة وسط أجواء ضبابية توحي باستحالة التشكيل في ضوء تراكم الشروط التي ستقدّمها الكتل السياسية.

 

إلا انّ مثل هذه الضبابية سرعان ما تلاشت وحلّ مكانها شيء من الانقشاع والأمل بتشكيل سريع للحكومة وربما بأسرع مما تصوّره أكثر المتفائلين.

مثل هذه الإرهاصات تستند الى الوقائع التالية:

الاجتماع الثلاثي بين الرؤساء عون وبري والحريري عقب انتهاء الاستشارات حيث نشط الرئيس بري لتنفيس الاحتقان بين رئيس الجمهورية وخاصة بعد كلمته النارية ظهر الأربعاء والرئيس الحريري، لا بل نُقل عن لسان الحريري قوله «كلمة رئيس الجمهورية  بالأمس أصبحت من الماضي.

أشاع الرئيس بري عند مغادرته قصر بعبدا وبعبارات مقتضبة: الأجواء التشاؤمية لا تخدم البلد، والوضع الحالي تفاؤلياً.

  وكان واضحاً انّ رئيس مجلس النواب بذل طوال الساعات التي سبقت الاستشارات وبعدها جهوداً حاسمة لترطيب الأجواء بين الرئيسين عون والحريري.

تصريح الرئيس الحريري من قصر بعبدا أنه عازم على الالتزام بوعده للبنانيين لوقف الانهيار وإنجاز تشكيل الحكومة بأقصى سرعة وانتهاز الفرصة الأخيرة والمتاحة أمام اللبنانيين، ونقل عن الرئيس بري قوله انّ تشكيل الحكومة سيكون أسرع من المتوقع، فيما أكد الرئيس الحريري انه يسعى الى تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيّين.

تصريح رئيس كتلة الوفاء المقاومة النائب محمد رعد من قصر بعبدا انّ التفاهم الوطني هو الممر الإلزامي لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه ونجاح العملية السياسية وتحقيق مصالح اللبنانيين الذين يتوقون الى هذا التفاهم.

وبذلك قطع النائب رعد الطريق على الذين يحاولون الاستثمار في عدم تسمية الرئيس الحريري.

التصريح الواضح للرئيس الحريري عندما سئل عن خلافه مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قوله «إذا كانت مصلحة البلاد تتطلب تفاهماً مع الجميع فمن المفترض تغليب مصلحة البلد».

كذلك فإنّ الوزير السابق جبران باسيل ترأس بالفعل وفد تكتل لبنان القوي الذي التقى الرئيس الحريري في المجلس النيابي أمس، بعدما كانت راجت أخبار عن مقاطعة باسيل للحريري.

من كلّ هذه المحطات يتضح انّ المداولات بين أصحاب الشأن لا بدّ ان تصل الى خواتيمها السعيدة، لوقف الانهيار الاقتصادي المرير، لأنّ الجميع في عين هذا الانهيار، ولا يجوز لايّ سبب مهما تعاظم ان يكون أكبر من الانهيار والعهد ذاته، ويفرض علينا الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني الإسراع في تشكيل الحكومة.

ولا نظنّ انّ العهد في ما تبقى من زمانه سيجافي هذا الواقع بدليل ما لمسناه من تجاوبه مع مساعي الرئيس بري، ومن مصلحته ان يداوي آلام اللبنانيين جرّاء الفساد وانفجار المرفأ وكورونا.

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى