بقلم غالب قنديل

نحو بناء جبهة للصمود وكسر الحصار

غالب قنديل

كان الفرز السياسي خلال حرب تموز أصيلا بين حلف المقاومة والتحرر وحلف الهيمنة والوصاية الاستعمارية  وكانت مساهمات جليلة خلال تلك الحرب لجميع شركاء المقاومة في ملاحم الصمود والانتصار من خلال مواقف سياسية وطنية مشرفة اتخذتها تيارات وأحزاب وحركات وقوى وطنية ساندت المقاومة والجيش في التصدي للعدوان وفي الدفاع عن الوطن وتأمين مستلزمات الصمود الشعبي وشكلت تلك المواقف في مجموعها تعبيرا عن حقيقة حلف وطني عريض عابر للطوائف والمناطق يقف خلف أبطال المقاومة الذين فرضوا بانتصارهم معادلة قوة جديدة هي التي تحمي لبنان من سنوات.

 

أولا المعركة الحاضرة في وجه الحصار والعقوبات الأميركية الغربية هي معركة وطنية مصيرية لا تقل اهمية عن التصدي لعدوان تموز الذي شنه الحلف الأميركي الغربي الصهيوني وأعوانه من الحكومات العربية التابعة التي ساهمت سياسيا وإعلاميا ومخابراتيا في مؤازرة جيش العدو وكانت شريكة في عمليات التدمير والإبادة التي شنها العدو الصهيوني ضد لبنان.

هذه المعركة هي أيضا معركة وجود ضد الخنق الاقتصادي وهي معركة مقاومة وتحرر وطني ضد الهيمنة الاستعمارية ولرسم توجهات جديدة تلبي المصالح الوطنية وطريق الصمود والخلاص يستدعي إرادة سياسية صلبة تجمع سائر القوى والأطراف الشريكة للمقاومة في جبهة سياسية شعبية تتبنى مشروعا للتحرر والخلاص محوره التوجه شرقا والاعتماد على تعبئة القدرات الوطنية لكسر الحصار والانطلاق إلى إعادة بناء الاقتصاد الوطني على أساس محورية القطاعات المنتجة كمحركة للنمو والاكتفاء الذاتي وبوصفها دعامة الاستقلال الوطني.

ثانيا يرتبط الانتصار في هذه المعركة بامتلاك الإرادة السياسية الصلبة والنهج الوطني الهجومي والشجاع كما كانت الحال خلال حرب تموز وهو ما ينبغي ان يترجم في خطة حكومية عاجلة للسير في الخيارات العملية الكفيلة بتفكيك الحصار وتحريك الإنعاش المالي والاقتصادي وبانطلاق عجلة الإنتاج ولا مبرر للتماهل والتريث استجابة لسراب الأوهام الغربية التي تبث لتمييع المواقف وتأجيل الخطوات العملية المجدية في مسالك الانفتاح على الشرق.

المطلوب من قيادات حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر وتيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي وسائر الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية واللقاء التشاوري المبادرة الفورية لبلورة فريق تنسيق مصغر يكرس اجتماعاته للتداول في كيفية تعبئة الجمهور حول برنامج الخلاص الذي طرحه قائد المقاومة وبلورة الأطر المشتركة لمباشرة العمل بمضمونه ميدانيا على صعيد التنظيمات الجماهيرية في سائر المناطق اللبنانية ولتحريك المبادرات الصناعية والزراعية وتوحيد الإمكانات في جميع المناطق بدون استثناء.

ثالثا إن هذا الحلف الوطني الواسع هو الحاضن الفعلي للحكومة وهو يحمل مسؤولية حثها ودفعها لاتخاذ الخطوات السريعة والعملية في الاتجاه الصحيح ولا مبرر للمراوحة في خنادق التباعد والمناكفات والمنافسات السياسية والحزبية التي شاعت في المرحلة السابقة بينما تحتم الضرورة تغليب المصلحة العليا والأهداف المشتركة المتمثلة في إنقاذ الوطن وتجاوز أي حسابات صغيرة فئوية او مناطقية أو حزبية.

لابد من إحياء الحس الوطني المسؤول الذي تبارى الجميع في التعبير عنه خلال حرب تموز عبر اتخاذ المواقف والمبادرات العملية الشعبية والميدانية  وقد تكاملت الجهود رغم غياب هيكل جبهوي موحد ينسق العمل المشترك  واليوم في مواجهة الحصار ونتيجة طبيعة المعركة يتطلب التكامل في الأداء فريقا جبهويا يقود التنسيق والعمل الميداني الشعبي والاجتماعي والاقتصادي بشكل منسجم وفي وجهة واحدة بناء على لائحة اهداف مستنبطة من برنامج الخلاص الذي اقترحه قائد المقاومة السيد حسن نصرالله.

رابعا لابد من منع هدر الوقت في تقاذف المسؤوليات عن الوهن الذي أصاب هذا الحلف العريض خلال السنوات التي انقضت على عدوان تموز بفعل الترهل والغفلة السياسية وتغليب الأمور الثانوية على التناقض الرئيسي والهم المصيري وطنيا وقوميا وبفعل تباعد الصفوف نتيجة تباين الحسابات والمصالح فالمسؤولية واقعة دفعة واحدة على عاتق الجميع للنهوض بتبعات الخلاص وعدم الانتظار والتريث في زمن شديد الضيق يستدعي خطوات عاجلة لكسر الحصار وتنفيذ خطة إنقاذية تعيد بناء الاقتصاد الوطني على أسس جديدة وسيدفع الجميع كلفة الفشل أو الهزيمة أمام الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي في معركة فاصلة تختزن أهمية كل ما سبقها في تاريخنا المعاصر من جولات صراع حول مستقبل لبنان وموقعه الإقليمي ودوره الاقتصادي والحضاري.

لن يرحم الزمن المتخاذلين والمقصرين والمعركة أمام مآلين مفتوحين فإما النصر اوالهزيمة والاختيار لأهل خيار المقاومة الذين اختاروا الطريق الوعر يوم عز النصير وأثبتوا الجدارة في الدفاع عن الوطن والشعب خلف أبطال المقاومة وفعلوها ثانية وتحملوا الأعباء والتضحيات الثمينة في وجه غزوة التكفير التي قادها الأميركيون وسعوا من خلالها لتدمير المنطقة العربية وتقطيع اوصالها وباؤوا بالفشل.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى