مقالات مختارة

اميركا المرتبكة تحاول ارباك المحور د. طلال حاطوم

 كان من المتوقع عند بعض اللبنانيين (المتحمسين) ان تستكمل الادارة الاميركية مشروعها البائس المسمى صفقة القرن، وان تغطي تمريره بجزرة وعود لبعص العرب، وبإثارة ضجيج داخل دول محور المقاومة، وخصوصاً الساحة التي يمكن ان تشكل بتأثيراتها ارباكاُ في هذا المحور لأن ساحة لبنان هي صلة الوصل بوقوعها على خط التماس الجغرافي مع فلسطين المحتلة، ولأن خطوط الترسيم لم تنتهٍ فصولها بعد، ولأنها ايضاً مركز اساس في محور المقاومة الرابط بين ايران وسوريا وصولاً الى العراق واليمن.

 

وعلى اساس ما سبق فعّلت تحركات ما سمي زوراً وبهتاناً (ثورة 17 تشرين 2019) مع كل ما رافقها من محاولات تحويل وجع الناس وجوعهم الى مسارات لتمرير محاضرات التطبيع مع العدو الاسرائيلي واستمالة (المحايدين) الذين يبنون معلوماتهم على اساس ما يثقفونه من وسائل اعلام باتت مكشوفة الاهداف والغايات ومصادر التمويل والدور الذي كُلفت به.

وفي الوقت نفسه، كانت وتيرة الهجومات على سوريا ومحاولات اطالة امد الحرب عليها بعد انتصارها الواضح على الجماعات الارهابية المسلحة التي هربت بذل من المناطق التي استعادها الجيش السوري البطل. ناهيك عن رفع مستوى العقوبات لتتخطى سوريا الى من يتعامل معها اقتصاديا او تجاريا او زراعيا عبر قانون غب الطلب (قانون قيصر) المفضوح في تركيباته وصوره التي تفرغ لها (جندي سابق) في الجيش السوري ليقوم بتصوير خمسين الف صورة ويزيد عن (ارتكابات النظام بحق الشعب السوري)، وكأن داعش واخواتها كانوا يقدمون الورود في المناطق التي يسيطرون عليها بالنار والذبح والحرق والاغراق والسحل وما تسببوا به من تشريد وتهحير لمواطنين سوريين عزل!!

العقوبات لم تستثنِ الجمهورية الاسلامية في ايران بل وصلت الى اغتيال القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني والقائد الشهيد المهندس في رعونة وصلافة مشهودة من كل العالم الذي غالبا ما يلوذ بصمت الحملان عندما يتعلق الامر باميركا.

وكان من المتوقع ايضاً ان تنتهي تحضيرات صفقة القرن مع اوائل العام 2020، لكن رياح العالم لم تجرِ حسب اهواء (سفينة ترامب وكوشنير ومن ركب معهم) بل احدثت فيها ثقوباً هددتها بالغرق في خضم الازمات المتلاحقة:

1 ـ اجتاحت جائحة كورونا العالم، لتعطل ليس فقط الاعمال وتهدد صحة ملايين البشر على مساحة الكرة الارضية، بل لتتنشغل الدوائر السياسية في كل دول العالم لاولوية الصحة والوقاية والحجر والبحث عن علاج مفترض.

* في لبنان ارجأت الجائحة التظاهرات (السلمية) وقطع الطرق واحراق الدواليب والاعتداء على المؤسسات، تحت مسمى ضرورة الحجر. على الرغم من ان محاولات يائسة استمرت في تصوير ان (جذوة الثورة) لا تزال متقدة وهي تنتظر من ينفخ فيها نار الشعارات لتتقد من جديد! ووصل الامر ببعض الجهابذة ان الكورونا اذوبة يراد منها تحويل الانظار عن (الثورة) وتستهدف (الثوار).

2 ـ لم تكد جائحة كورونا تخفت، حتى حول زعم (ورقة من فئة عشرين دولار مزورة) ليل اميركا الى شعلة ملتهبة تحرق كل تراكمات العتصرية الاميركية المختزنة ضد الاميركيين من اصول افريقية، ولتكشف ما كان الاحرار يرددونه دائما عن وجه اميركا البشع العنصري المتسلط وما يستخدمه ضد الاحرار في العالم من فنزويلا الى كوبا الى فلسطين وكل الدول العربية والافريقية واللاتينية، حتى تلك التي اعلنت الانصياع لاوامرها وارتضت الدوران في فلكها وقبلت كل شروطها المذلة.

* هنا، ايضاً، (اكل “الثوار في لبنان” الضرب)، فمصيبة ترامب اقعدته اسيراً تحت البيت الابيض، وصار جل اهتمامه كيف يقمع انتفاضة الاميركيين، ويستعيد زمام الاستعداد للانتخابات الرئاسية في تشرين المقبل. الامر الذي يتّم (ثوار لبنان) الذين لم يعودوا يعرفون بوصلة تحركاتهم، فصاروا خبط عشواء من الشعارات الى التحالفات في ما بينهم الى تحديد مواعيد لتحركات لم، ولن تأتي على قدر ما يرغبون، وأعداد المشاركين ومشهد الساحات يشي بهذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى