لا انفصال.. ولا احتلال د. عبد الحميد دشتي

 يبدو أن البعض من الأكراد «قسد» استمرؤوا خداع أنفسهم منذ بداية تاريخهم الذي لم يتعلموا منه سوى الاستهجان والخذلان والخسارة رغم كل ما مر بهم من مآسٍ وخداعٍ من القوى التي كانت تعدهم بالدعم للحصول على دولتهم سواء في العراق أم سورية أم تركيا، إضافة لإيران وأرمينيا

.

ومنذ العام 1920 أي بعد هزيمة الامبراطورية العثمانية بدأ الحلم الكردي مدعوماً بوعود الغرب حيث حاول الأكراد في المنطقة اقامة دويلات عدة على مدى قرن فالعقدة الكردية أو الحلم في إقامة الكيان مهما كان شكله، وهذا ما يدركه الغرب وخصوصاً أميركا ولذا عمدت إلى دغدغة مشاعرهم في إقامة حكم ذاتي شمالي شرقي سورية رغم أنه يفتقد إلى أبسط مكونات الدولة أو الإقليم، وشكلت لهم ميليشيات تحت مسمى (قوات سورية الديمقراطية – قسد).

إن هذه التجارب لم تكن خافية على القيادة السورية التي تقرأ التاريخ جيداً وتبني عليه وتعرف ماذا تريد ومهما قيل في العدوان التركي الأخير فسورية ما زالت تعتبر الأكراد من مواطنيها رغم كل ما فعله البعض، ولطالما حذَرتهم من الانجرار وراء الأحلام والأوهام والاعتماد على قوى العدوان الكوني ونصحتهم بالعودة إلى حضن الوطن فهو أولى بهم.

إلى أن وقعوا في فخ الأتراك الذين ما زالوا يطمحون بعد هزيمة إرهابييهم وعملائهم إلى دور في سورية وهي ترى أن الحرب قاربت على الانتهاء وتحقق الانتصار السوري الذي قلب كل الموازين وأجهض كل الأهداف.

لقد نفذ مجرم الحرب أردوغان تهديداته وبدأ عدوانه في الشمال السوري وهي التي كانت اللاعب الأول في الأزمة (الحرب) وتريد أن تكون اللاعب الأخير في إقامة المنطقة الآمنة المزعومة لتوطين نحو اللاجئين السوريين على حدودها في مساحة تعادل مساحة لبنان، ولهذا كان لا بد من المواجهة العسكرية الطاحنة بين تركيا والكرد الذين تخلت عنهم أميركا بجرة مزاج.

لكن ما فاته أن سورية أصبحت بعد انتصارها مؤيدة – بإرغام – من العالم الذي شن الحرب عليها ويريد الآن أن يحصل في مواقفه المنددة بالعدوان التركي لن تتركها تعبث في أرضها أو تقضم أي جزء منها، ولن تبقى متفرجة وهي التي دفعت الدم طوال تسع سنوات من أجل الحفاظ على وحدة أراضيها وكل مكونات شعبها وهو ما نراه اليوم من تحرك أثلج الصدور للجيش العربي السوري باتجاه منبج والمناطق الواقعة شمال شرق الفرات.

وهذا ما توافق عليه بل وتدعمه إلى حد التدخل المتاح روسيا وإيران على الأقل، عدا مواقف مجلس الأمن والجامعة العربية ودول الاتحاد الأوروبي التي قد يعّول عليها سياسياً إلا أن الأهداف معروفة، ونحن هنا نعيد التأكيد بأن هذا العالم ومن خلال منظوماته هو الذي سيعود إلى سورية وليس العكس.

لكل ذلك نرى أن العدوان (العملية العسكرية التركية) هي عملية مبتورة وعقيمة ولن تحقق أهدافها السياسية أو الميدانية.

وإن غداً لناظره قريب..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى