بقلم غالب قنديل

ماذا بقي بعد طبول الحرب ؟

غالب قنديل

شعر كثيرون في المنطقة أننا على أبواب جحيم الصدام الكبير بين القوات الأميركية الغازية على الأرض وفي عرض البحر ومحور المقاومة مجتمعا بما في ذلك إيران التي انصبت عليها التهديدات الأميركية طيلة أشهر متواصلة مع تصعيد العقوبات والتلويح بغزو عسكري قابلته إيران برسائل ردع قوية.

ساهمت اطراف المحور المقاوم بتعزيز معادلة الدفاع عن الشرق في وجه التهديد بتصعيد كبير للحروب الأميركية الصهيونية المستمرة ومن مواقعها المختلفة في لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن ومن إيران نفسها التي نفذت اكثر من عملية لإثبات القدرة وكان السيد حسن نصرالله قائد المقاومة اللبنانية ينطق باسم المحور مجتمعا بإعلانه التصميم على إحراق جميع مواقع المصالح الأميركية والانتشار العسكري الأميركي في البر والبحر وتركيز الرد على أي عدوان أميركي صهيوني محتمل على القاعدة الاميركية المتقدمة إسرائيل.

يعرف الجنرالات الأميركيون والصهاينة ما يمتلك محور المقاومة من القدرات والإمكانات الدفاعية على قوس انتشاره من باب المندب إلى اللاذقية وصور وغزة مرورا بمضيق هرمز وشط العرب وهم يعلمون ان وحدات الاحتلال الأميركي المتناثرة في الجغرافية ستكون ضحية اكثر من حريق.

تم بناء مساكنة العراق بما يجعل القواعد الأميركية رهينة بيد فصائل الحشد الشعبي عند الضرورة بينما تؤكد سورية عزمها على طرد الوحدات الأميركية الباقية في الشرق وتمتلك قدرات كامنة لشن الهجمات المؤكدة بواسطة وحدات شعبية سورية وعراقية متأهبة بينما يثبت الحوثيون قدرات هائلة في سلاح الصواريخ والطائرات المسيرة يفترض منطقيا ان يكون الهاجس الحقيقي لجميع البوارج العابرة لعقدة المضائق والممرات البحرية وعلى مسافات بعيدة جرى اختبارها في خارطة الأهداف التي أصيبت في العمق السعودي مؤخرا اما حزب الله وترسانته ومعه المقاومة الفلسطينية وسورية فتكفي لتكبيل إسرائيل المردوعة بالقوة والتي تآكلت عناصر تفوقها وغطرستها من سنوات منذ التحرير الكبير وحرب تموز وحروب غزة المتوقفة على حدود توازن الردع الدفاعي.

هذه الحسابات كلها على طاولة قادة البنتاغون والأركان الصهيونية ومعها القوة الهائلة للصواريخ الإيرانية والزوارق الطائرة وجميع أسلحة البر والبحر والجو المتاحة والمتطورة التي ستنهمر نيرانها على القطع والقواعد الأميركية في البحر والبر في حالة الحريق الكبير مع الكثير من المفاجآت المحتملة في مثل هذه المواجهة التي قد لاتبقى فيها خطوط التماس على حالها أبدا خصوصا على جبهة فلسطين والجولان وفي غبار المعارك المفترضة قد تكون الظروف سانحة لعملية نقل الحشود وتموضعها في عدة ساحات لحسم الموقف ضد عملاء الإمبراطورية الأميركية وأذنابها.

من الواضح كما يردد القائد نصرالله ان محور المقاومة لايسعى إلى الحروب بل يرغب في منعها بقوة الردع التي لديه ومن الواضح أيضا ان إيران المتمسكة بحقوقها السيادية كدولة وطنية مستقلة وحرة ليست لديها رغبة في الحرب لكنها جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي عدوان.

يمكن القول اليوم وفي خلاصة اختبار القوة الأصعب ان محور المقاومة فرض على الإمبراطورية الأميركية المتنمرة مراجعة حساباتها وأرغمها على تعديل لهجتها والذهاب للبحث عن وسطاء وإرسالهم إلى إيران بينما تراجع هدير البوارج وتحركت أحاديث الكواليس عن التفاوض المحتمل والممكن.

بعد كل المناخ المشدود أمطرت رسائل استجداء التفاوض الأميركية على طهران وبطلب من ترامب شخصيا تحرك الوسطاء من سويسرا وألمانيا واليابان ومن عمان وقطر والعراق لاستكشاف فرص التفاوض الثنائي بين إيران والولايات المتحدة وكان كل من الوسطاء يعول على مكانة وحظوة خاصة ومكاسب ينالها من علاقته بإيران إن تم التفاهم على يديه.

اعتصمت طهران بشروطها المعلنة بينما تكشف هزال الموقع الأوروبي العاجز عن التموضع المستقل وسط تطاحن كبير ومهول للقوى العظمى تقف فيه كل من روسيا والصين وجبهة إقليمية وعالمية لايستهان بقدراتها إلى جانب إيران المتمسكة باستقلالها وبرفضها للهيمنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى