شؤون دولية

“بلومبيرغ”: غضب أميركي متصاعد ضدّ السعودية

نشرت وكالة”بلومبيرغ” الأميركية تقريرًا قالت فيه إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يواجه حالة غضب متصاعد كبير في “الكونغرس”، بسبب الاتهامات له بالوقوف وراء جريمة اغتيال خاشقجي، وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان وتواصل العدوان على اليمن، وهو ما جعل المملكة تغرق في المزيد من العزلة والصعوبات الاقتصادية .

وقالت الوكالة في تقريرها إنه “قبل عام واحد، كانت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة حافلة بالأنشطة، حيث التقى بيل غيتس وجال في المقر الرئيسي لشركة أمازون وزيارة لميناء موهافي للطيران والفضاء، غير أن جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي دمرت هذا الزخم، وجعلت كثيرين يتجنبون لقاء ولي العهد، فيما تعجز حكومته عن إصلاح علاقتها مع أكبر شريك خارجي للمملكة، لتصبح الرؤية الضخمة التي قدمها ابن سلمان حول التطور الاقتصادي حلما بعيد المنال“.

وأكد التقرير أن “حالة الغضب في “الكونغرس” حيال هذه الجريمة تشهد تصاعدًا مع مرور الوقت، وهو ما مكن من إجراء تصويت خلال هذا الشهر في مجلس “الشيوخ” الذي تسيطر عليه أغلبية من الجمهوريين لرفض الدعم العسكري الأميركي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، في انتظار أن يمر هذا القرار إلى مجلس النواب“.

وذكر التقرير أن “المملكة لا تزال تتمتع بدعم مهم من الرئيس دونالد ترامب ومستشاريه، الذين يعتبرون أن أهمية السعودية كشريك استراتيجي ضد إيران ومشتر للأسلحة الأميركية تفوق أهمية القلق بشأن ما إذا كان الأمير محمد بن سلمان قد أعطى الإذن بقتل خاشقجي“.

التقرير تابع بالقول إنه “بكل الأحوال فإن حكام السعودية يجدون أنفسهم في مواجهة حالة من العزلة المتزايدة في الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر عندما شارك 15 سعوديا في تلك العمليات”، لافتا إلى تصاعد دعوات في “الكونغرس” للتحقيق في المحادثات الأميركية السعودية بشأن التعاون النووي، بالتوازي مع تهديدات بفرض عقوبات جديدة على خلفية جريمة اغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ونقل التقرير موقف عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي في ولاية ماساتشوستس جيم ماكغوفرن قوله:”مرة تلو الأخرى، أظهر النظام السعودي وحشية تذكرنا بالقرون الوسطى، إن هذا “الكونغرس” يجب أن يعلن بشكل واضح ولا لبس فيه أن التغاضي عن هذه الممارسات هو أمر انتهى بلا رجعة، وأنه ستكون هنالك عواقب بالنسبة للحكومة السعودية“.

وأشار التقرير إلى أن النائب ماكغوفرن والسيناتور الديمقراطي باتريك ليهي كانا قد التحقا بأحمد فتيحي ابن مواطن أميركي سعودي معتقل، ووليد الهذلول شقيق الناشطة المعتقلة لجين الهذلول، وذلك في إطار ندوة تحت عنوان “التعذيب في المملكة”، قدم خلاله المشاركون شهادات مؤثرة حول سوء المعاملة التي يتعرض لها أقاربهم في سجون المملكة.

وذكر التقرير أن أعضاء “الكونغرس” من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري أصبحوا ينتقدون المحادثات الجارية تحت عنوان التحالف الأميركي السعودي، وباتوا يصفون الأمير محمد بن سلمان بعبارات كانت في الماضي مخصصة للأعداء فقط، إذ وصف باتريك ليهي الجريمة بأنها “وحشية جدا، وهو أمر يمكن أن تتوقعه من شخص مثل صدام حسين“.

أما السيناتور الديمقراطي عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، فقد وصف ولي العهد بأنه رجل عصابات، فيما وصف ليهي قيادة المملكة بأنها تتصرف مثل منظمة إجرامية، واتهمها بأنها تبذر الثروة النفطية وتطبق أقصى السياسات القمعية والممارسات الوحشية.

وأشار التقرير إلى أن الأمور كانت مختلفة تماما قبل عام واحد، إذ كان الأمير محمد بن سلمان يركب موجة الحماس التي شعر بها المجتمع الدولي حيال الوعود الإصلاحية التي قطعها، والتي تضمنت السعي للحد من سطوة الشرطة الدينية، والسماح للنساء بقيادة السيارة، وبيع حصة من شركة النفط المملوكة للدولة.

ولكن بحسب التقرير، فإنَّ جريمة اغتيال خاشقجي وتواصل الانتقادات بشأن حقوق الإنسان وحرب اليمن التي شهدت انتهاكات عديدة من بينها قصف حافلة مدرسية تقل أطفالا، غيرت حالة الحماس تجاه ولي العهد، وما زاد الطين بلة كشف صحيفة “نيويورك تايمز” خلال هذا الأسبوع عن تورط ابن سلمان في الإيذان بشن حملة لإسكات الأصوات المعارضة، من خلال عمليات اختطاف واعتقال وتعذيب، قبل أكثر من عام على جريمة قتل خاشقجي.

وأضاف التقرير أن “حالة الغضب المتواصلة في “الكونغرس” تأتي في وقت حرج بالنسبة للمملكة التي تحتاج بشدة للاستثمارات الخارجية من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية لولي العهد، في وقت تم فيه تعليق عمليات الطرح الأولي لشركة أرامكو وفشلت قمة الاستثمار التي نظمها ابن سلمان في العام الماضي بعد أن فضل عدد كبير من رجال الأعمال إلغاء حضورهم إثر جريمة الاغتيال“.

ونقل التقرير عن بين فريمان، من مركز السياسات الدولية في واشنطن، الذي يراقب أنشطة اللوبي السعودي في العاصمة الأميركية قوله “إن تصويت مجلس الشيوخ ضد دعم الحرب في اليمن يأتي على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها السعودية في أروقة القرار في الولايات المتحدة“.

وأضاف فريمان أن “قدرات السعودية في مجال جماعات الضغط كانت تواجه صعوبات حتى قبل اغتيال خاشقجي، لكن الأمور ازدادت صعوبة بعد ذلك، إذ إن بعض مراكز الدراسات توقفت عن قبول الأموال السعودية والأهم من ذلك أن أعضاء “الكونغرس” أوقفوا الدعم الأعمى للمملكة“.

وذكر التقرير أنه “خلال السنة التي سبقت الاغتيال أنفقت السعودية ما لا يقل على 10.9 مليون دولار للتأثير على سياسات الولايات المتحدة والرأي العام الأميركي وذلك بحسب وثائق مقدمة لوزارة العدل الأميركية في إطار قانون تسجيل الوكلاء الأجانب“.

وأشار التقرير إلى أن المسؤولين السعوديين حاولوا استعادة الدعم الأميركي الذي خسروه، وتعهدوا بملاحقة المسؤولين على اغتيال خاشقجي، إلى جانب تعيين أول امرأة في منصب سفيرة في واشنطن.

ونقل التقرير عن جيمس دورسي الباحث في شؤون الشرق الأوسط في جامعة نانيانغ في سنغافورة قوله إن “من أجل تغيير الوجهة التي آلت إليها العلاقات بين البلدين، يجب على المملكة الالتزام بالشفافية الكاملة في العديد من الملفات، وتقديم رواية ذات مصداقية والتصرف بمسؤولية، لمعرفة ما وقع بالضبط في قضية خاشقجي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى