بقلم غالب قنديل

الضغوط الأميركية على لبنان والعراق

غالب قنديل

بدأت إدارة دونالد ترامب تتحسس اتجاها جديدا في الشرق يهدد منظومة الهيمنة الاستعمارية التي تقودها في المنطقة وبالتالي قد يقلب جميع حسابات الأمن الصهيوني التي تتصدر اهتمامات واشنطن ومؤسساتها الأمنية والعسكرية الإمبراطورية ولذلك يأتي وزير الخارجية بومبيو محملا بكمية هائلة من التهديدات والعقوبات ضد حزب الله والحشد الشعبي العراقي وبكمية مرتفعة من التحريض والتحذير ضد أي تطوير لعلاقات لبنان والعراق بكل من سورية وإيران.

المثلث السوري الإيراني العراقي يختلج بنبض جديد ويحول رصيد الصمود الكبير خلال السنوات الأخيرة إلى قوة اندفاع مستقبلية لبناء شراكات إقليمية متينة ومتشعبة تطال الاقتصاد والإنتاج والطاقة والتبادل التجاري والنقل كما تشمل تطوير التعاون بين الجيوش والقوات المسلحة في الدول الثلاثة لإنجاز تطهير المنطقة من فلول الإرهاب وقد ثار القلق الأميركي الصهيوني من صورة رؤساء الأركان مجتمعين في قصر الشعب بدمشق برئاسة القائد بشار الأسد.

إنه التحول الذي لا يمكن كبحه كما تقول خبرة التجربة فقد نضجت الخيارات المشتركة بين الدول الثلاث في مخاض مقاومة غزوة التكفير والإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة وحركتها مع حلفائها وأتباعها على مساحة المنطقة وكانت غايتها تدمير المجتمعات والدول وإغراق الشعوب في بحار من الدماء لسنوات وعقود مقبلة ووجدت إسرائيل في ذلك الاستنزاف فرصا ثمينة لتمرير خططها الجاهزة لتصفية قضية فلسطين .

إرادة الصمود والمقاومة في وجه الغزوة الأميركية الصهيونية قادت معارك مصيرية في سورية والعراق ولبنان وظفت فيها إيران كل ما لديها من قدرة وإمكانات في دعم الأشقاء في البلدين بينما شاركت المقاومة في قسطها من المعركة في لبنان وسورية وتبلور الحشد الشعبي كقوة مقاتلة تحذو حذوها في الميدان.

الهواجس الأميركية الصهيونية ترى ملامح فشل مشروعها من صورة اجتماع دمشق وتخاف من النتائج والانعكاسات وتزدحم الأسئلة عن الاحتمالات إذا فتحت الحدود السورية العراقية وحسم الأمر في الشرق السوري وإدلب أوفي حال تم التفاهم على خطط دفاعية كبرى تضع جميع الاحتمالات في الميزان ضد الاحتلال الأميركي او العدوان الصهيوني فالحلف المعادي يعرف ما تمتلكه هذه الجبهة من سطوة وتأثير داخل فلسطين المحتلة وما تحرزه من تناغم وتحالف مع فصائل المقاومة الفلسطينية المقاتلة.

ليس في حوزة الإمبراطورية الأميركية شيء إلا العقوبات تلوح بها في وجه لبنان والعراق فالمطلوب عزل لبنان عن هذا التحول الثوري في واقع المنطقة السياسي والعسكري وإضعاف الاستجابة العراقية لمشاريع الشراكة مع سورية وإيران وهو ما انصبت لتحقيقه جهود أميركية مكثفة خلال السنوات الماضية وتم في سياقها التدخل في الوضع العراقي الداخلي كما قدمت عروض سعودية سخية واستطاعت القيادات العراقية ان تحتوي المساعي الأميركية وتصدها لتحفظ ثبات علاقاتها مع إيران وسورية لكن أيا من القادة والحكومات المتعاقبة لم يصلوا إلى مستوى الوثبة الأخيرة من الاتفاقات الاقتصادية والتعاون العسكري المعلن.

التهويل لايفيد مع القوى التي تمسك بناصية قدراتها وإرادتها وهو ينقلب على الاستعماريين اللاهثين خلف الأهداف الصهيونية في الشرق وخبرة التجارب تقول ان التراجع يصيب جميع مستويات النفوذ والقوة الأميركية في الشرق وما يحصده محور المقاومة من نجاحات هو نتيجة تضحيات جليلة لشعوب حية ومن حقها ان ترفع رأسها وتبلور إرادتها الحرة بعيدا عن قيود التبعية والهيمنة وتقاليد الخنوع امام تهديدات موفدي الاستعمار المتغطرسين.

في العراق موقف واضح وحازم وكذلك في لبنان ولن يفلح بومبيو في كسر إرادة الاستقلال والتعاون الطبيعي مع الأشقاء الذين تربطهم معا وحدة مصير وحياة تعمدت بدماء الشهداء خلال اخطر المراحل التي أثارتها الحروب الأميركية الصهيونية بواسطة داعش والقاعدة والتهويل لا يحجب الحقائق المرة التي يعرفها اللبنانيون والعراقيون عن كثب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى