مقالات مختارة

الإعلام الدبلوماسي في باكستان يرقص على أنغام التطبيع مع «إسرائيل» هادي حسين

 

دبلوماسية الإعلام أو بالأصحّ الإعلام الدبلوماسي نجده بأجلى صوره في الممارسة اليومية للسياسة الباكستانية على الصعيدين الداخلي والخارجي على حدّ سواء، من خلال كيان معنوي مَهيب له صلاحيات واسعة هو كشرطي الإعلام الباكستاني يُعرف باسم PEMRA ، يراقب ويشرف على تطبيق السياسات الإعلامية الباكستانية المنسجمة مع الخطوط العريضة للسياسة الباكستانية، الخارجية منها بشكلٍ خاص .

فقد حرصت باكستان ومنذ بدء العدوان السعودي على اليمن مثلاً، أن يقوم الإعلام الباكستاني على اعتبار جماعة الحوثي ميليشيا مارقة بالأردو: باغي حوثي ، واعتماد موقع «قناة العربية بالأردو» كمصدر رئيسي ووحيد للخبر اليمني. وذلك كلون من تبادل الأدوار بين الإعلام والمؤسسات السياسية لإرساء حالة من التوازن والاعتدال، فالدبلوماسية الباكستانية حريصة على أن لا تتعكّر المياه بين إسلام أباد والرياض، على خلفية رفضها المشاركة في ما كان يُعرف بعاصفة الحزم.

النموذج اليمني ليس الوحيد للعبة الإعلام والسياسة التي يتقنها الباكستانيون، فكما كنت أتوقع فإنّ الصمت الرسمي الباكستاني على زيارة بنيامين نتينياهو رئيس وزراء الكيان الغاصب إلى الهند منتصف الشهر الحالي والتي استمرّت ستة أيام، ليس ترقّباً كما اعتبره البعض بقدر ما هو فرصة في فهم الكثيرين في السلطة الباكستانية، التي كنت قد حذرت في مقالٍ سابق نشرته صحيفة «البناء» بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2017، وعنها «روسيا الآن» بنفس التاريخ، من تراكم المحفزات والدواعي لدى إسلام أباد للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي على طريقة تركيا، فضلاً عن وصول «إسرائيل» إلى جنوب آسيا وتطويق الجمهورية الإسلامية في ايران.

فها هي « الإكسبرس تريبيون» التابعة لمجموعة «EXPRESS» الإعلامية الضخمة في باكستان تنشر مقالاً للكاتب حسين نديم تحت عنوان «Making Peace with Israel»، يقول فيه: «ان واحدة من سياسات باكستان الخاطئة والتافهة حيث انه لا معنى لها هو الاستمرار في معاداة إسرائيل».

ويضيف: «العلاقة مع إسرائيل خطوة ضرورية لتحقيق التوازن في معادلة باكستان في الشرق الأوسط، والفوز بتأييد واشنطن، العاصمة الأميركية».

صحيفة «باكستان اليوم» أيضاً نشرت مقالاً للكاتب حسين طارق بعنوان:

«India-Israel friendship A legion of doom in the making? « يدعو فيه الى: «المسارعة لفتح قنوات الاتصال مع دولة إسرائيل».

بشكلٍ عام هناك مناخ كان قد تكوّن في عصر برويز مشرف، بدأت الآن قيوده المأخوذة شرطاً في تحقق موضوعه التطبيع بالوقوع، لا سيما في ظلّ الموقف الرسمي المتخاذل للحكومة الفلسطينية، ومعظم الأنظمة العربية والخليجية.

إلى جانب ذلك، يجد اللوبي الداعم للتطبيع وتفعيل قنوات الإتصال الموجودة اصلاً – مع الكيان الإسرائيلي، في التوتر القائم بين إسلام أباد وواشنطن سبباً إضافياً لحذو حذو السعودية وتركيا.

بل أكثر من ذلك، يعتبر هؤلاء أنّ العلاقة مع «إسرائيل» أصبحت حاجة ملحة بعد استراتيجية ترامب لأفغانستان التي أخلّت بالتوازن الإقليمي وفسحت المجال أمام الهند العدو التقليدي لباكستان للعب دور الحصان في لعبة الشطرنج المعقدة القائمة في الإقليم النووي الذي يضمّ بالإضافة إلى الهند وباكستان والصين وايران.

بتقديري، أنّ زيارة بنيامين نتنياهو ليست بمعزل عما يجري في الشرق الأوسط، ويمكن اعتبارها خطوة متقدّمة من الشريك الأميركي في المنطقة إسرائيل تماهياً مع مخططات الإدارة الأميركية الجديدة، التي تهدف إلى تقويض العملاق الصيني، وابتزاز الجانب الباكستاني للانخراط أكثر في المشروع الأميركي، بالإضافة إلى الاستمرار في سياسة شيطنة ومحاربة النظام في الجمهورية الإسلامية في إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى