مقالات مختارة

أسبوع الحسم وحزب الله فوّض عون وبري بالحل: محمد بلوط

 

الأسبوع المقبل هو أسبوع الحسم وطي صفحة الأزمة التي تمكن لبنان من احتوائها وتجاوزها. فالمعلومات والوقائع التي سجلت في الأيام الماضية تؤكد ان الحل بات جاهزاً، ولا يحتاج الا للترجمة في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة في بحر الأسبوع .

ووفقاً لمراجع بارزة فإن البيان الذي سيصدر عن مجلس الوزراء صار مكتملاً بعناصره، وقد يحتاج الى بعض «الروتوش» على ضوء المداولات التي جرت في الساعات الماضية والتي ستجري ايضاً في غضون اليومين المقبلين.

ورغم التكتم حول مضمون وتفاصيل البيان فان المعلومات المتوافرة تفيد بأن مجلس الوزراء سيؤكد على مضمون بيانه الوزاري كاملا، مركزا ايضا على ان يشمل بشكل خاص النقاط التي أثارها الرئيس سعد الحريري لجهة التأكيد على النأي بالنفس بعبارات «صريحة وواضحة». تجيب او ترد على بعض الالتباسات التي تسعى القوى المناهضة للحل، التسلّح بها.

ووفقاً للمعلومات ايضاً فإن اغلبية مجلس الوزراء، بات متفقاً على كيفية التعاطي مع هذه النقطة بطريقة إيجابية وتوافقية، الأمر الذي يؤكد ان المجلس سيخرج بنتيجة حاسمة وواضحة.

وتضيف المعلومات انه لم توجه بعد الدعوة للوزراء للجلسة المرتقبة، لكنه يرجح ان تعقد الاربعاء او الخميس في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية الذي حسم عشية هذه الجلسة، طي صفحة الأزمة.

وتقول المعلومات ايضاً ان حزب الله أبلغ رئيس الجمهورية والمجلس النيابي انه يبدي موقفاً مرناً للغاية في شأن البيان، لكن وفق الثوابت الوطنية ومصلحة لبنان، كما ورد اصلاً في البيان الوزاري للحكومة.

وحسب مصدر متابع للمداولات فان الحزب كما حرص منذ البداية على المسار السياسي يحرص ايضاً على انجاز الحسن، وتدعيم موقف الرئيس الحريري التي اتسمت مواقفه في المقابلة الأخيرة بمسؤولية وتغليب مصلحة واستقرار لبنان على المواقف الاستهلاكية او الشعبوية الضيقة.

وتشير مصادر مطلعة في هذا المجال ان احدى فقرات البيان الوزاري تضمنت نصاً واضحاً وصريحاً، يصب في اطار النأي بالنفس، وان كانت هذه العبارة لم تستخدم فيها. وهي تنصّ على الآتي «ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظاً على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق.

وتضيف المصادر ان الموضوع المتعلق بالعلاقات مع الدول العربية، لا يحتاج الى نص جديد، لأن الفقرة المذكورة تضمنت التزام لبنان بميثاق جامعة الدول العربية وبعلاقاته مع الاشقاء العرب، لا بل ان كل الاطراف حريصون على هذه العلاقات، وقد عبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤخراً أكثر من مرة خير تعبير عن ذلك.

واذا ما وردت هذه النقطة في بيان مجلس الوزراء فهو من باب تأكيد المؤكد، مع العلم ان هناك حرصاً ايضاً على أن يقطع لبنان الطريق على أية محاولة لجرّه الى أية محاولات تصعيدية مع أحد.

وبالنسبة للنقطة الثالثة يقول المصدر ان الالتزام باتفاق الطائف امر مفروغ منه لانه صار جزءاً من الدستور، لا بل ان هذا الاتفاق لم تطبق كل مندرجاته وهو ليس موضع خلاف خصوصاً في ما يتعلق بعمل واداء المؤسسات الدستورية وصلاحياتها.

وعشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء المرتقبة قال مصدر وزاري مطلع: ان كل الاجواء تؤشر الى اننا ذاهبون هذا الاسبوع الى الحل، وانه على ضوء صدور البيان الذي يفترض ان يكون بصيغته النهائية مع بداية الاسبوع ستعود الى المسار الطبيعي لتنصرف الحكومة بعد ذلك الى متابعة معالجة الملفات الحيوية المطروحة بدءا من استكمال الاجراءات والخطوات المتعلقة بملف النفط للانتقال الى مرحلة التلزيمات مرورا بالكهرباء، وانتهاء بباقي المشاريع الانمائية.

واضاف المصدر ان المسؤولين والقيادات المعنية تأخذ بعين الاعتبار سبل تحصين الحل من خلال محورين: «المحور الاول هو تعزيز اجواء التنسيق والتفاهم التي تجلت مع بداية الازمة، والمحور الثاني الافادة من كل الوقت المتاح لمزيد من الانتاج والعمل وتعزيز الوضعين الامني والاقتصادي».

استبعاد التعديل الحكومي

من جهة اخرى تم رصد للمواقف حول ما يحكى عن رغبة في اجراء تعديل حكومي، وتبين ان هناك رأيا قويا بترك الحكومة على حالها وعدم اجراء اي تعديل لاعتبارات تتعلق بعمرها وبالمرحلة الراهنة.

وتفيد المعلومات ان الرئيس بري كرر امام زواره امس موقفه لجهة عدم اجراء مثل هذه التعديل، مشيرا الى ان رئيس الحكومة لم يفاتحه بهذا الموضوع في لقائهما الاخير.

ورأى ان عمر الحكومة القصير وذهابنا الى الانتخابات النيابية لا يتلاءم مع الاقدام على مثل هذه الخطوة، بالاضافة الى ما تحتاجه من خطوات، كما ان مثل هذا الامر لا يساهم في تحصين الحكومة.

وحسب المعلومات ايضاً فان حزب الله بدوره لا يحبذ ولا يتحمس لمثل هذه الخطوة، وانه يفضل الابقاء على الحكومة كما هي والانصراف الى العودة للعمل خصوصاً ان اشهراً قليلة تفصلنا عن الانتخابات النيابية.

ويشارك النائب وليد جنبلاط بري الرأي ايضاً، مشدداً على تجاوز الازمة وعدم الدخول في هذا المسار، اي مسار التعديل.

من جهته استبعد رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع حصول تعديل حكومي، مشيرا الى انه لم يفاتحه احد بالموضوع، وقال «ان لا نية بتغيير اي من وزراء القوات».

اما وزير الداخلة نهاد المشنوق الذي زار امس الرئيس بري فاعتبر ان الكلام عن تعديل حكومي هو كلام غير جدي، مشيرا الى قصر الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات.

وحسب الاجواء فان الرئيس الحريري لم يفاتح هذه الاطراف برغبته في اجراء تعديل حكومي، لكنه ربما جرى التداول في هذا الشأن مع التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل في باريس امس.

وقالت مصادر مطلعة ان مثل هذا الأمر لم يتضح بعد، مشيرة في الوقت نفسه الى ان الحريري غير راض عن الوزير جمال الجراح وربما الوزير معين المرعبي ايضاً، كما انه لا يخفي انزعاجه من «القوات اللبنانية»، لكن الدكتور جعجع تحدث امس عن قنوات الاتصال بين الطرفين «عادت الى طبيعتها، ويجري ترميم الوضع، والايام المقبلة ستشهد اجتماعات رفيعة المستوى وسألتقي الرئيس الحريري».

وتقول المصادر ان كلاما تردد في الكواليس ايضا عن رغبة الوزير جبران باسيل باستبدال وزير الدفاع يعقوب الصراف والوزير نقولا تويني، لكن مصادر التيار لم تتحدث عن ذلك.

الى الانتخابات درّ

على صعيد آخر، قال مصدر حزبي بارز امس ان المحور الثاني لعودة مسيرة العمل هو موضوع الانتخابات النيابية والتحضير لها.

واضاف «نستطيع التأكيد بأننا ذاهبون الى الانتخابات في موعدها، ولو لم تحصل ازمة اعلان الرئيس الحريري استقالته من السعودية والظروف التي احاطت بها، لكنا دخلنا فعلاً في اجواء التحضير لهذه الانتخابات هذا الشهر».

واضاف المصدر «معلوم انه اعتباراً من النصف الثاني من الشهر الجاري تدخل البلاد في اجواء أعياد الميلاد ورأس السنة، وان هذا الشهر سيكون مرحلة لملمة آثار ما حصل مؤخراً. اما مطلع العام الجديد فسيكون بداية للدخول في اجواء الانتخابات والتحضير لهذا الاستحقاق».

ولاحظ المصدر انه بعد الازمة الاخيرة اخذت تتبلور اكثر اصطفافات سياسية وانتخابية جديدة لا سيما في ضوء «ازمة الثقة» التي سادت وتسود العلاقة بين تيار المستقبل و«القوات اللبنانية» رغم محاولات الترميم التي يجري الحديث عنها.

كما ان هناك ازمة مشابهة بين التيار الوطني الحر و«القوات» بعد التدهور التدريجي الذي سجل في علاقتهما والذي ازداد مع نشوب الازمة الاخيرة.

ووفقا لمجريات ما حصل ويحصل فان ملامح واضحة اخذت تبرز اكثر بعد الازمة، تؤشر الى:

ـ تعزيز التحالف الانتخابي الذي كان يجري ترتيبه بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.

ـ استبعاد التحالف بين المستقبل والقوات اللبنانية.

ـ تقديم الثنائي الشيعي دعما للرئىس الحريري والتحالف مع لوائحه في الدوائر المشتركة مع الاخذ بعين الاعتبار الحسابات الانتخابية المتبادلة.

ـ تحسن العلاقات نسبياً بين جنبلاط ورئىس الجمهورية فهل سينسحب ذلك على العلاقة مع التيار الوطني الحر في الجبل؟

ـ محاولة «القوات» في حال لم تركب تحالفاتها لعب دور رأس المعارضة والضحية في وقت واحد لاستدرار المزيد من العطف المسيحي، من اجل لعب دور «تسونامي» انتخابي مسيحيا كما فعل التيار العوني عندما واجه الحلف الرباعي في الانتخابات ما قبل السابقة.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى