بقلم غالب قنديل

بن سلمان وهتلر

غالب قنديل

نشر توماس فريدمان حوارا أجراه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو مكرس في جله لتسويق صورة الأمير المستعجل بوصفه صاحب مشروع لتحديث المملكة بمعايير المطالبة الأميركية المزمنة للحد من سطوة المؤسسة الوهابية التي خرج تلامذتها القاعديون عن السيطرة في غير مكان وزمان منذ خطة بريجنسكي لاستعمالهم كقوة احتياطية لمحاربة الاتحاد السوفيتي وهي الخطة التي أعيد إحياؤها على يد بندر بن سلطان والجنرال ديفيد بيترايوس في إطار مشروع لتدمير سورية ولنسف محور المقاومة الذي حقق معادلة ردع استراتيجية غير مسبوقة في التاريخ.

منذ قيام الجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة الإيرانية تحولت إيران إلى سند حقيقي للعرب الراغبين في مقاتلة العدو الصهيوني وصد شروره التي تمثل تهديدا وجوديا متواصلا منذ اغتصاب فلسطين ومصدر حمية إيران وحماسها هو إدراكها لطبيعة دور الكيان الصهيوني كقاعدة لضمان الهيمنة الاستعمارية الغربية وكقوة احتياط جاهزة لضرب كل نزعة استقلال حقيقية في الشرق.

كرست إيران المستقلة منذ انتصار ثورتها في القرن الماضي جهودا وقدرات كبيرة لدعم وتنمية القوى الشعبية المقاومة التي تقاتل العدو الصهيوني ولنشر ثقافة المقاومة وهي قدمت خطابا إسلاميا مقاوما يمجد الاستشهاد في سبيل تحرير فلسطين وسخرت إمكانات كبيرة لنشره وتعميمه وهو خطاب ثقافي ليس شيعيا ولا فارسيا بل موجه للبيئة العربية والإسلامية بدون أي تمييز او عنصرية.

في الفترة نفسها وعلى مدى عقود كانت إيران الإسلامية توثق شراكتها مع سورية القومية العلمانية في مسيرة دعم فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية بينما كانت المملكة السعودية تطور من وسائل نشر جماعات التكفير والإرهاب وتعميم خطاب التطرف في جميع انحاء العالم بالتحالف مع الولايات المتحدة ودول الغرب وقد بذلت جهودا جبارة وانفقت ثروات طائلة لتمويل تلك الجماعات خلال السنوات العشر الماضية في سورية والعراق واليمن.

إذا عقدنا المقارنة في الحصيلة بين الجهود السعودية والإيرانية يمكن ان نسجل لإيران دورا نوعيا حاسما في تخليص لبنان من الاحتلال الصهيوني وفي تمكينه من امتلاك قوة رادعة انهت عهد الاستباحة الصهيونية المستمرة لسيادته فاليوم تجري القيادة الصهيونية حسابات معقدة وصعبة لأي مغامرة عسكرية ضد لبنان بينما كان قادة العدو لعقود يتباهون بالقدرة على احتلال للبنان بدورية من جيشهم المدجج بالسلاح الأميركي.

القوة اللبنانية المستجدة فيها بصمة إيران كما هي البصمة ذاتها في مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني والتي حررت غزة وتحيي جذوة النضال بانتفاضة الأجيال الفلسطينية الشابة ضد عقلية اليأس من شعارات التحرير والمناداة بالرضوخ لمشاريع التصفية التامة لقضية فلسطين التي احتضنتها ودعمتها المملكة وروجت لها تحت يافطات السلام الأميركي منذ حربها على مصر جمال عبد الناصر.

كرست المملكة السعودية جهودها في السنوات الأخيرة لتدمير سورية وإحراقها وعلى الرغم من السياسة السورية العقلانية التي لم تتخذ مبادرة القطيعة إلا بعد اتضاح الدور السعودي الكبير في التآمر على سورية وهو ما تجسد على جميع المستويات العسكرية والسياسية والمالية والإعلامية.

لو أردنا ان تحدث عن هتلر المنطقة تكفينا نظرة سريعة إلى محرقة اليمن الشنيعة الكريهة التي تحمل بصمة امير التاج السعودي الغضوب المستعجل اما السيد الخامنئي فهو علامة استقلال وعزة ودعم لخيار المقاومة والاستقلال وصداقة واحتضان للأحرار في الشرق العربي من فلسطين وسورية ولبنان والعراق بالتواضع والاحترام الذي يليق بأخوة الكفاح والتحرر.

لا يمكن بالعنجهية قلب الحقائق والوقائع ولا تحويل الهزائم لانتصارات وبعد سنوات طواحين الدم التي عاشتها سورية والعراق ولامسها لبنان بويل العصابات التكفيرية بات عرب المشرق يعرفون بالذات من هو الصديق ومن دفع إليهم بكرات النار والموت فالسيد الخامنئي واللواء سليماني وسائر رموز القيادة الإيرانية حضروا بوصفهم رسل اخوة وتضحية ومصالح مشتركة بينما خلف كل عمليات القتل والتهجير والإبادة من اليمن إلى العراق فسورية تمتد أذرع سعودية وتنتشر خطب التضليل والعداء التي ينشرها إعلام المملكة وأدواتها ويبقى الفيصل بين طهران والرياض هناك في فلسطين العربية المغتصبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى