بقلم غالب قنديل

سذج ام متآمرون ؟

غالب قنديل

منذ اندلاع الحرب على سورية يدور بعض الكتاب والمحللين اللبنانيين والعرب في متاهة من الندب والعبث تحت شعار التفجع الإنساني على المآسي الكثيرة والويلات الدامية التي أصابت الشعب العربي السوري عبر تجهيل الفاعل ليستروا تعمدهم لطمس الجوهري وهو معركة سورية دفاعا عن استقلالها وكفاحها مع حلفائها لتحرير العالم من الهيمنة الأحادية الأميركية وحيث تتلاحق الاعترافات مؤخرا بأن هذه السورية تتصدر معركة العالم ضد الإرهاب المستحضر لتدميرها وقد تحول بارتداده إلى كابوس دولي لا يجيد هؤلاء الكتبة سوى التفجع على ضحاياه في الغرب وهم غافلون عمدا عن رعاته وداعميه في العدوان على سورية.

أولا لاقيمة لأي تفجع على معاناة السوريين وما لحق بلادهم من خراب ودمار من غير تعيين الجهات المسؤولة عن إغراق سورية بفرق الإرهاب التكفيري التي حشدت من ثمانين دولة وبآلاف اطنان السلاح والذخائر التي شحنت جوا وبحرا وتم تهريبها عبر الحدود اللبنانية والأردنية والتركية وعن صرف مليارات الدولارات على فصائل التوحش الدموي وعن تدبير كل ذلك عبر غرف عمليات متعددة الجنسيات شارك فيها بقيادة اميركية قادة عسكريون وامنيون من حكومات أجنبية وعربية معروفة بأسمائها في لوائح حضور المؤتمرات التي قادتها الولايات المتحدة ونظمتها بالمال السعودي القطري لخدمة تلك الحرب في شتى فصولها خلال خمس سنوات والأنكى من كل ذلك ان بعض الندابين يتقدمون إلى قرائهم بصفات وطنية يصممون على انتحالها سندا إلى تواريخ مضى عليها الزمن وادعاءات بالحيادية تنقضها وقائع كثيرة والقلة الساذجة منهم تائهة عن التقاط العنصرالجوهري والرئيسي في تلك الحرب العالمية الدائرة ضد دولة مستقلة مقاومة ترفض الهيمنة الاستعمارية وبعد خمس سنوات ظهرت اعترافات ووقائع ووثائق وتصريحات من واشنطن عاصمة قيادة العدوان لم يعد معها من الصعب تحديد المسؤولية بذريعة الجهل للإحجام عن التعيين الدقيق للمسؤوليات ولرفض الاعتراف بالتناقض الرئيسي في كل ما يجري من احداث وهو تصدي الجمهورية العربية السورية لعدوان استعماري يستهدف استقلالها الوطني ووحدة ترابها من خلال استراتيجية الحرب بالوكالة التي صممها قادة البنتاغون والمخابرات الأميركية.

ثانيا الندابون الذين تفجعوا على ما يجري وناحوا على الضحايا كانوا يتبنون جانبا مهما من الرواية الاستعمارية عن الأحداث وتوزعوا على خنادق دعم الواجهات المعارضة المفبركة في الفنادق المترفة التي افتضح مقدار ارتهانها للحلف الاستعماري الرجعي حتى في تنظيم شؤونها الداخلية وهي تعرف من خلال توزعها على عواصم هذا الحلف بحيث بات اكتشاف الخيوط الخفية ممكنا لأي عاقل فالكتل الواجهية والرموز السياسية المكونة لتلك الواجهات تتحرك بارتباطاتها المخابراتية والارتزاقية بدول العدوان : الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمملكة السعودية وإمارة قطر وتركيا وإسرائيل الحاضرة عبر جبهة الجولان في احتضان وحدات من القاعدة وداعش وما يسمى بالجيش الحر فلم يعد سرا مقدار ارتباط الواجهات السياسية بمخابرات تلك الدول الممسكة بالمقابل بآلة الدعم المالي واللوجستي لعصابات الإرهاب والجماعات المسلحة التي أحصت منها مراكز الدراسات الأميركية المتخصصة مئات الفصائل التي ناهزت الألف وفق تقرير صدر قبل سنتين عن مركز دراسات الحرب الأميركي وثيق الصلة بأجهزة حكومة الولايات المتحدة فمن كان جاهلا بالتفاصيل وفق زعمه ليتنصل من الموقف لم يعد قادرا على ذلك والقرائن صارت مشاعا متاحا لكل من يمتلك تقنية الوصول إلى تلك التقارير والتصريحات والبيانات وبعضها نشر على اوسع نطاق في الصحف والقنوات الفضائية الغربية وغيرها باستثناء المنصات السعودية والقطرية والتركية ووسائل إعلام لبنانية مملوكة او مستأجرة من قبل جهات معروفة تتمسك بالصورة الافتراضية الكاذبة عما يجري في سورية بوصفه حربا اهلية او صراعا بين سلطة ومعارضة.

ثالثا الكذبة المستجدة منذ انخراط حلفاء سورية المتصاعد في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري هي تصوير ما يدور على انه نزاع نفوذ دولي وإقليمي وطمس الجوهري في هذا المستوى من الصراع وهو التناقض الرئيسي بين منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة من جهة وحلف القوى الإقليمية المناهضة لها أي محور المقاومة بتحالفها مع القوى العالمية الرافضة لدوام الهيمنة الأميركية الأحادية في العالم وهو ما شكل محتوى الفيتو الروسي الصيني المزدوج منذ بدايات العدوان على سورية وهو الخيط الرابط بين مشاركة حزب الله في القتال وموقف إيران ومبادرة روسيا وكل بادرة دعم سياسي او اقتصادي تلقتها الدولة الوطنية السورية من الصين أومن أي دولة عربية او اجنبية تحتفظ بمساحة ولو نسبية من الاستقلال عن المشيئة الأميركية والتنكر لهذه الحقيقة هو دليل شبهة في الدوافع للتنصل من اتخاذ موقف واضح أو للتغطية على العدوان بكليته ووجود مصالح لحلفاء سورية في الوقوف إلى جانبها لا يسقط عن خياراتها صفة تحررية مناهضة لهيمنة حلف العدوان بمضمونه الاستعماري الرجعي بل يؤكدها وحيث تمثل إسرائيل منذ اغتصاب فلسطين قلب منظومة الهيمنة في منطقتنا بلا منازع ومن فضائل الصمود السوري انه كشف الكثير عن مستوى التنسيق والشراكة بين إسرائيل والرجعية العربية بقيادة المملكة السعودية.

طبعا من المؤسف ان يقع بعض أصحاب النوايا الحسنة كما نفترض حتى اليوم في شباك التضليل والأكاذيب وهم كانوا من المبشرين بثورة افتراضية مزعومة بددتها الوقائع المتراكمة وباتوا يتحدثون عن عبثية العنف ليتنكروا لحقيقة ان في سورية غالبية شعبية ساحقة تحتضن جيشا وطنيا يقاتل من اجل الاستقلال ولدحر عصابات التوحش وقائد استقلالي مقاوم يرئس دولة وطنية مقاومة علمانية مستهدفة بسبب تمردها على المشيئة الاستعمارية الصهيونية وبالطبع يستحق التنويه بعض من تراجعوا وانتقلوا إلى مواقعنا مرحبا بهم ولو انهم لم يمتلكوا جرأة النقد الذاتي الذي هو واجبهم الاخلاقي وحق لقرائهم عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى