مقالات مختارة

بري ضيف في البرلمانين الأوروبي والبلجيكي محمد بلوط

 

إذا كان المطلوب توطين النازحين… فالجواب لا

حزب الله حريص على الصيغة ولا يُريد السيطرة على القرار

بروكسل –

الرئيس نبيه بري في بروكسل لمخاطبة ومحاورة الاوروبيين في هذه اللحظة الدقيقة والخطيرة التي تشهدها منطقتنا، وتصيب شظاياها لبنان والعالم.

هو ضيف فوق العادة لدى البرلمانيين الاوروبي والبلجيكي، يرد على كل الاسئلة والهواجس والعناوين، وهي كثيرة وان كانت بمعايير ونظرات مختلفة.

وبأسلوب ديبلوماسي وصريح في الوقت نفسه تحدث عن لبنان، والازمة السورية، وقضية النازحين، مصوبا البوصلة الى خطر الارهاب على الجميع، وداعيا الى فرض الحل السياسي لغياب المحاور الآخر امام النظام السوري، لان الارض ممسوكة من المتطرفين والارهابيين وليس من المعارضة المعتدلة المفترضة.

دبّج البرلمانيون الاوروبيون والبلجيك اسئلة كثيرة حول قضية النازحين السوريين وكيفية مساعدة لبنان فصارحهم بالقول «اذا كان المطلوب التوطين، فالجواب لا»، والتوطين مرفوض في دستورنا».

وركز بري على محاربة الارهاب وتشكيل غرفة عمليات دولية تشرف عليها الامم المتحدة للتصدي للارهاب أمنيا وعسكريا، مشددا على ضرورة تجفيف مصادره المالية والتسليحية.

وفي المناسبة فان هاجس الارهاب يكاد يطغى على ما عداه في بروكسل حيث ينتشر الجنود المدججون بالسلاح امام بعض المراكز الحساسة والسفارات، واحيانا في الشوارع.

وفي لقائه مع الجلسة الموسعة التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الاوروبي بمشاركة غير عادية لرؤساء لجان برلمانات الدول الاوربية تحدث بري عن الحاجة لتسليح وتعزيز الجيش والقوى الامنية مضيفا «ان بلجيكا مشكورة على تدريب عدد من الضباط، والسعودية ايضا مشكورة مرة وعشر مرات، ولا اعتقد انها ستبقى على موقفها الاخير».

وقال ان لبنان لوحة فنية نادرة مختلفة الالوان والاشكال، ولا يمكن ان تكون من لون واحد يطغى على الالوان الاخرى، هذا اللبنان الذي نريد هو آخر بلد للتعايش والتسامح في المنطقة».

اما امام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البلجيكي فرأى ان «استقالة الوزير ريفي لا تؤثر في الحكومة، والحكومة ستبقى، ولا يوجد خطر ايقافها. ورأى انه بعد حل للمشكلة الاخيرة في الحكومة من الافضل ان يعود عن استقالته والا يعين وزير بديل عنه».

و رفض الاتهامات بان حزب الله يحاول السيطرة على القرار اللبناني، مؤكدا ان الحزب «يحرص تماما على الصيغة اللبنانية كما انا وسعد الحريري وأي لبناني آخر».

استهل بري زيارته لبلجيكا والبرلمان الاوروبي امس باستقبال نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز في مقر اقامته في حضور الدكتور محود بري والسفير اللبناني رامي مرتضى.

وقال الوزير البلجيكي:« ان لبنان وبلجيكا يجتمعان على قاعدة تقليدية هي الحوار سواء على المستوى الداخلي في سبيل تحقيق الاستقرار، او على المستوى الخارجي على صعيد الشركاء من اجل المشكلات التي تعاني منها».

ـ لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان البلجيكي ـ

وكان بري حل ضيف شرف لدى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب البلجيكي برئاسة رئيسها ديرك فان مالن وفي حضور عدد من اعضائها.

استهل رئيس اللجنة اللقاء بكلمة ترحيبية اشار فيها الى القواسم المشتركة بين البلدين وتعاون المجلسين، ثم القى بري كلمة قال فيها:

«اننا بمواجهة الارهاب المتمادي نجدد ادانة لبنان الشديدة للتهديدات الارهابية لاوروبا ولبلدكم بشكل خاص وادعو الى عمل مشترك بين اجهزة الاتحاد الاوروبي والاجهزة الامنية اللبنانية». واشار الى ان «هزيمة الارهاب تقتضي كذلك الحد من المصادر التسليحية والتزام معايير دولية موحدة لتعريف الارهاب وصياغة قيادة دولية موحدة بمواجهة الارهاب المتمادي لأن التحالفات الآحادية والثنائيات لا يمكنها كبح الارهاب».

واكد «ان الوقائع الشرق اوسطية خصوصا السورية والعراقية والارهاب التهجيري ادت الى تشريد الشعب السوري وازمة النزوح تتفاقم منذ خمسة اعوام.

ولفت الى «ان مشكلة جديدة ناتجة عن تقليص الخدمات للاشقاء من اللاجئين الفلسطينيين من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الانروا وهذا الامر يزيد من همومنا فيما نحن نعاني العجز من معالجة القضايا الموجودة. في لبنان اليوم حوالى مليون ونصف مليون نازح سوري اضافة الى 400 الف فلسطيني كانوا في الاصل وطرأ عليهم 150 الفا فاصبح عددهم نصف مليون، وبالتالي هناك حوالى مليوني نازح سوري وفلسطيني، اي نصف عدد سكان لبنان تماما لان اللبنانيين الموجودين في لبنان لا يتجاوز عددهم اربعة ملايين».

ـ التوازن صعب في لبنان ـ

ورد بري على اسئلة اعضاء اللجنة فقال حول استقالة وزير العدل: «هذه ليست المرة الاولى تحصل فيها استقالات في حكومات لبنان واعتقد بان الحكومة لا تقف عند هذه الاستقالة مع احترامي لها، اولا الوزير المستقيل لا ينتمي الى كتلة نيابية فهو قال انه خارج اطار الكتلة، وقبل مجيئي الى بلجيكا تكلمت مع الرئيس الحريري، لعله بعد حل مشكلة الحكومة من الافضل ان يعود الوزير عن استقالته والا يعين وزيرا آخر وفقا للدستور. وفي كل الحالات هذا الموضوع لا يؤثر على بقاء الحكومة، واود هنا القول انه عندما نتأخر في تشكيل نقتبس منكم في بلجيكا ونرى ان بلدنا لم يأخذ وقتا اكثر حتى الآن منكم في هذا الموضوع».

وردا على سؤال على انه اقدم رئيس للمجلس النيابي في العالم، قال: «نعم انا اقدم رئيس برلمان. انا عميد رؤساء البرلمانات، ولا ادري اذا كان هذا العمل سهلا في لبنان. صدقني ليس سهلا على الاطلاق، ولكنه امر واقع. ان شاء الله استطيع ان افيد بدوري بعد».

وقال: «التوازن صعب في لبنان كما هنا أيضا، ولكن الحفاظ على لبنان هو حفاظ على الحضارة الانسانية، فإذا انهار لبنان في الشرق الاوسط صدقوني انه سيكون انهيارا للتعايش بين الاديان والمكونات في المنطقة كلها.»

وأضاف: «لا أحد يستطيع ان يقول ان اسرائيل هي دولة ديموقراطية، طالما هي تقول انها دولة لطرف او دين واحد. نحن لا نعيش الارقام في لبنان، أي نفكر ان المسلم أكثر او المسيحي أكثر، فهذا الكوكتيل الرائع للحضارات الانسانية هو غنى للبنان ونحن دائما نحافظ على هذا التوازن ونعرف صعوبة الامر، نحن عائلة واحدة في لبنان، برغم وجود 18 طائفة».

وعن اتهام حزب الله بانه يصادر القرار في لبنان، قال: «علينا ان نفصل بين ما يقوله بعض الاعلام وبين موضوع المقاومة. من دخل أراضي الآخر، نحن ام اسرائيل. هي التي شردت الشعب الفلسطيني، وبذريعة وجود الفلسطينيين اجتاحت لبنان عام 1978، وفي حينه ماذا فعل لبنان؟ هل كانت توجد مقاومة. لقد ذهبنا الى الامم المتحدة ومجلس الامن وصدر القرار 425 بناء لمشروع أميركي، وبدلا من ان ينسحب شارون قام بعد أربع سنوات باجتياح العاصمة بيروت، الامر الذي أجبر الشعب اللبناني على ان يقاوم وكانت هذه المقاومة من أطراف عدة، والآن يحمل رايتها حزب الله، وهو لا يهدف الى السيطرة على القرار اللبناني. حزب الله يحرص تماما على الصيغة اللبنانية كما أنا وسعد الحريري وأي لبناني آخر».

وحول الرئاسة، اعتبر ان الازمة ليست بسبب الاختلاف بين المسلم والمسلم، أو المسيحي والمسيحي، أو المسلم والمسيحي، هي مشكلة بين الموارنة أنفسهم، وهناك مرشحان الآن، كل واحد منهما يؤيده فريق. والبعض الآن يستعمل النصاب من أجل تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية.

وعن الموقف السعودي الاخير، قال: «الحقيقة ان السعودية هي دولة عربية ونحن أيضا دولة عربية، وليس هناك من مصلحة على الاطلاق في ان يكون هناك خلاف بين لبنان واي دولة عربية، والذي حصل هو نتيجة معادلات سواء في سوريا او العراق، ونحن لدينا في لبنان أطراف وأحزاب، ونتمتع بحرية الرأي، وما حصل ان السعودية تأثرت وأوقفت الهبة، وقد جرت معالجة الامر في الحكومة وخرجنا بصيغة واحدة لتلافي اي خلاف مع اي بلد عربي. نحن بلد عربي ونؤكد على هذا الموضوع.»

ـ البرلمان الاوروبي ـ

وبعد الظهر حل بري ايضا ضيف شرف على البرلمان الاوروبي حيث تكلم عن الوضع الراهن في لبنان والمنطقة في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان برئاسة المار بروك وبمشاركة رؤساء لجان الشؤون الخارجية في برلمانات دول الاتحاد الاوروبي وحشد من البرلمانيين والمهتمين، وقال: «اطالبكم بالضغط على حكوماتكم من اجل خفض سقف التوترات في الشرق الاوسط ، وتحديد الهدف فقط بالقضاء على الارهاب دون زيادة التوجهات».

وعن الارهـاب قال: «لم يعد مشكلة سورية او عراقية ولا هو (فوبيا اسلامية) بل تحول الى مشكلة اقليمية ودولية ، واجزم ان لديكم معلومات حول هذا المرض، فقد تم تصدير المشبوهين والافراد والجيوش الاجنبية من بلدان العالم الى الشرق الذي اعادهم وقد اكتسبوا خبرات في القتل والتدمير والمزيد من المهارات القتالية، ودعا «الى ضرورة وجود قرار دولي ناجز ضد الارهاب وقرار واضح بتجفيف مصادره المالية والتسليحية، وبالتالي تشكيل غرفة عمليات دولية بأشراف الامم المتحدة للتصدي للارهاب امنيا وعسكريا»،

واكد «ان حل مشكلات الشرق الاوسط يبدأ من فلسطين عبر وقف الاستيطان والقتل على الهوية والتشريد والتدمير وتجريف الاراضي».

ـ حاجة لتعزيز دور الجيش والقوى الامنية ـ

ثم كانت اسئلة واجوبة من الحاضرين، ومعظمها ركز على النازحين، فسئل عن التأثير الامني للنازحين في لبنان، فقال: «ساكون صريحا. لا شيء من الصراحة بين الاصدقاء. لبنان كان دائما صديقا لاوروبا، واوروبا كذلك. لكن لم يعط له شيء كي يقوم بهذا الدور بيده. اذا كان المطلوب التوطين، فالجواب لا. والتوطين مرفوض في الدستور اللبناني. لبنان لوحة فنية نادرة مختلفة الالوان والاشكال، ولا يمكن ان تكون من لون واحد يطغى على الالوان الاخرى. هذا اللبنان الذي نريد هو آخر بلد للتعايش والتسامح في المنطقة».

اضاف: «تستطيع اوروبا المشاركة في الحل السياسي في سوريا، وكما قلت انني اطالب بفرض حل في المنطقة، والا سنصل الى تقسيم المقسم. هناك مؤامرة تقسيم سوريا والعراق ولا ادري كم دولة ستصير ليبيا، وما خطط في سايكس بيكو قد انتهى وآن الاوان للتضافر جميعا ولا يطغى واحد على آخر».

وردا على سؤال، قال: «اريد ان اسأل هل ان الاميركيين استقبلوا اكثر من 90 مليونا كما ورد في السؤال قبل الهنود الحمر ام بعدهم؟».

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى