داعش في عدن.. ماذا تفعل الرياض؟ حميدي العبدالله
بات من المعروف أنّ المكاسب التي حققها التحالف الذي تقوده السعودية في بعض مناطق جنوب اليمن يعود في جزء منه إلى قتال تنظيم «القاعدة» بمسمّياته المختلفة من «داعش» إلى التسميات الأخرى، ولولا المساندة التي أبداها تنظيم «القاعدة» لما تمكّنت قوات التحالف من السيطرة على عدن وعلى قاعدة العند.
لكن من المعروف أنّ تنظيم «القاعدة» ولا سيما «داعش» لا يقبل شركاء ولا يقاسمهم السلطة، وما إن يخرج العدو الأساسي له من أيّ مكان حتى يجاهر بالانفراد بالسيطرة ويزيح الآخرين، حتى لو كان هؤلاء الآخرون «جهاديين» ومن نسل «القاعدة»، كما هي الحال في العلاقة بين «جبهة النصرة» و»داعش» في سورية.
واضح أنّ التحالف الذي تقوده السعودية توهّم بأنه قد استغلّ ووظّف «داعش» لمصلحته، وتجلى ذلك بإعادة حكومة عبد ربه منصور هادي إلى مدينة عدن، إذ لم يكن في حسابات الرياض أن ينقلب تنظيم «القاعدة» الآن على التعاون معها ومع شركائها، على الأقلّ لأنّ المعركة لم تنته بعد لا في جنوب اليمن ولا في شماله، ولا يزال القتال مستعراً في جبهات باب المندب ومأرب وتعز.
لكن من الواضح أنّ تنظيم «القاعدة» لا يريد على أيّ نحوٍ كان السماح بنشوء أمر واقع يفرض عليه فرضاً، ولهذا قرّر أن يتصرّف كما تصرّف تنظيم «القاعدة» في سورية عندما استولى على مدينة إدلب، إذ لم يقبل بأن تنتقل مؤسسات تنظيمات المعارضة إلى المدينة، ومن بين هذه المؤسسات ما يُسمّى حكومة المنفى التي شكلتها الحكومات العربية والغربية بالتعاون مع «الائتلاف». وعندما قرّرت السعودية وحلفاؤها فرض أمر واقع على تنظيم «القاعدة» بدأ الحرب عليهم، وكانت باكورة هذه الحرب الهجمات التي استهدفت الفندق الذي يقيم فيه رئيس حكومة عبد ربه منصور هادي الذي تحرسه قوات التحالف، ومقرّ عمليات التحالف في البريقة، وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته الواضحة عن هذه الهجمات.
بات واضحاً، الآن، أنّ السعودية وحلفاءها مضطرون للقتال على أكثر من جبهة، قتال على جبهة الجيش اليمني واللجان الشعبية في جبهات القتال المعروفة، وقتال ضدّ تنظيم «القاعدة» في جبهات أخرى، وتحديداً المواقع التي آلت السيطرة فيها لقوات التحالف، وبات من الصعب على حكومة بحاح المكوث في عدن. وهذا يشكل ضربة سياسية مهمة ضدّ جهود التحالف، وضدّ المساعي الدولية التي تسعى إلى تعويم بعض الشخصيات الموالية لقوات التحالف.
ماذا ستفعل السعودية في مواجهة هذا التطور الخطير الذي يعني أنّ جهود التحالف العسكرية التي كانت ترمي إلى إنهاء سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية تصبّ اليوم في مصلحة تنظيم «القاعدة»، وليس في مصلحة التحالف؟ فهل يقود خطر وجود «القاعدة»، التي تجاهر بالعمل على إسقاط حكم الأسرة السعودية، إلى وقف الحرب اليمنية وتسهيل الوصول إلى تسوية توحّد اليمن في مواجهة هذا الخطر وتستفيد من ذلك السعودية؟ أم تستمرّ بسياسة «عليّ وعلى أعدائي»؟
سؤال تصعب الإجابة عليه، لأنّ التجارب أظهرت أنّ قادة المملكة نادراً ما يفكرون بمدى استراتيجي ويتخذون قراراتهم على هذا الأساس.
(البناء)
مخارج أممية لإنقاذ السعودية: قوات دولية لمواجهة «أنصار الله»
نزار عبود
تجاهد الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية يسجل انتصاراً للسعودية في السياسة بعد هزيمتها في الميدان. وتتحدث المعلومات عن مقترح لنشر قوات حفظ سلام دولية في اليمن لنزع سلاح أعداء الرياض
نيويورك | علمت «الأخبار» أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد شيخ يروج لفكرة نقل الأزمة اليمنية إلى يد الأمين العام للأمم المتحدة عن طريق نشر قوات حفظ سلام، من بنغلادش مثلاً، تنزع سلاح خصوم الرياض وتتولى المهمة نيابة عنها.
الفكرة بحثها ولد شيخ مع رئيس دائرة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، هيرفي لادسو، وهي تمثل، حسب رأي مصدر وثيق الاطلاع، إلقاء طوق نجاة للتحالف السعودي الذي يعاني من التفسخ.
لكن مصادر دولية شككت في قدرة الأمم المتحدة على تولي مهمة كهذه.
ويستند ولد الشيخ الذي يزور الرياض وأبو ظبي وموسكو لتسويق مبادرته الجديدة إلى الرسالة التي بعثها حركة «أنصار الله» إلى الأمين العام للأمم المتحدة التي ربطت تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 بتطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها اتفاق السلم والشراكة وخطة النقاط السبع التي تم التوصل إليها معه في مسقط.
غير أن ردّ ولد الشيخ على الخطة نيابة عن الأمين العام حصل باستثناء اتفاق السلم والشراكة والإبقاء على خطة النقاط السبع.
الأمين العام بان كي مون أرسل نائبه يان إلياسون إلى جدة حيث التقى وزير الخارجية السعودي عادل جبير لبحث التدهور الأمني الشديد، والضحايا في اليمن جراء الغارات الجوية بمعزل عن مهمة ولد شيخ أحمد.
وهنا يحاول المبعوث الخاص، الذي لم توجه إليه رسالة «أنصار الله»، أن يتولى هو عملية نزع السلاح بأيدٍ دولية كون تطبيق القرار ٢٢١٦ يبدأ من هذه النقطة.
مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت لـ«الأخبار» صعوبة تحقيق ذلك، وخاصة أن اليمن مقسم الولاءات ويصعب على جهة واحدة الادعاء أنها تمثل طرفاً بأكمله. وبالتالي، فإن إرسال قوات دولية من دول إسلامية مثلاً، يجعل مهمتها محفوفة بالكثير من المخاطر حيث ستواجه أجندات متضاربة تبدأ من «الحراك الجنوبي» ولا تنتهي عند «القاعدة» و«داعش».
ولفت المصدر إلى أن الرياض بدأت تلميع صورة ولد شيخ بالتهجم عليه بعدما ارتبطت مهمته بدعم الخطط السعودية.
ميدانياً، أكد الناطق الرسمي للقوات المسلحة، العميد الركن شرف غالب لقمان أن بشائر النصر بدأت تلوح في الأفق، وهناك مفاجآت تثلج القلوب، مبدياً استعداد الجيش و«اللجان الشعبية» للتصدي لانتهاكات العدوان للمياه الإقليمية، موضحاً أن لديهم من الوسائل والإمكانات التي تمكنهم من ضرب وتدمير البوارج الحربية التي تنتهك السيادة الوطنية وتشكل خطراً على الملاحة البحرية.
وأشار لقمان في حديث إلى وكالة «الأنباء اليمنية ــ سبأ» إلى أن قوات العدوان اعتقدت أنها ستدخل مأرب ومنها سينتقلون إلى صنعاء خلال 48 ساعة، ولكن خططهم باءت بالفشل، مضيفاً إنه بعد 40 يوماً على معركة مأرب، لم يسيطروا بعد سوى على بلدة إلى جانب معسكر زحفوا عليه بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة وبغطاء جوي من «الآباتشي» والـ«أف 16» بعد 40 محاولة هجوم.
وأضاف «تكبيدهم خسائر متلاحقة وقوية جعل الإمارات تسحب قواتها تدريجاً من الجبهة في الأيام الأولى للمعركة وبقي المرتزقة يثيرون الرعب في مأرب وينهبون البيوت»، مشيراً إلى أنه «في الأيام الأخيرة حصلت عشرات الغارات بأسلحة محرمة دولياً بالقنابل الفوسفورية والعنقودية، ما يشكل حرب إبادة كاملة».
وقال «فليخرجوا من مأرب ويأتوا إلينا إن استطاعوا، فهم خسروا في كل محاولاتهم رغم الإمكانات والدعم، وخاصة الجوية».
وحول الوضع في باب المندب، أوضح لقمان «هم فشلوا في الكثير من محاولات السيطرة على باب المندب، وهذا ما دفع رئيس وزرائهم المستقيل خالد بحاح بأن يتصور في إحدى القرى التابعة لهم والادعاء بأنها في باب المندب».
ولفت إلى أنهم «لم يتمكنوا من الوصول. وأول من أمس (الأربعاء) تم إغراق بارجة معادية بصاروخ بعد ساعتين من استهدافها، وهذه ليست المرة الأولى بل هي الثالثة التي يتم فيها استهداف البوارج المعادية، واليوم البوارج تبحر في أماكن بعيدة عن الساحل».
وأشار لقمان إلى تقدم القوات اليمنية المشتركة في السعودية، حيث تدخل وتسيطر على مواقع جديدة، وسط فرار الجنود السعوديين.
وحول الأوضاع في عدن، أوضح المتحدث باسم القوات المسلحة أن «صراعاً على المصالح يدور في عدن، وهناك صراع بين القاعدة وداعش والحراك الجنوبي، ومحاولة اغتيال خالد البحاح المقرب من الإمارات من قبل القاعدة تأتي في أجواء التنافس بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، فدعم هادي للإخوان المسلمين جعل الإمارات تبتعد عنه، وحركة التآمر بين الإمارات والسعودية تزداد».
وفي السياق، قتل العقيد الركن سالم صوملي العطري الصبيحي وعدد كبير من المرتزقة في مواجهات مع الجيش و«اللجان الشعبية» في زحف فاشل مع قوات التحالف على باب المندب.
من جهة أخرى، شن طيران العدوان السعودي أكثر من 60 غارة جوية على مديريتي المخا وذباب والشريط الساحلي لباب المندب في تعز خلال الـ 12 ساعة الماضية.
وأوضح مصدر عسكري في تصريح لوكالة «الأنباء اليمنية ــ سبأ» أن هذه الغارات الهستيرية لطيران العدوان تأتي في ظل فشل كل محاولات قوى العدوان ومرتزقته في التقدم صوب باب المندب، مشيراً إلى أن طيران العدوان السعودي استهدف منزل أحد المواطنين في منطقة التعزية، ما أدى إلى استشهد مواطن وجرح آخر وتدمير المنزل وتضرر عدد من المنازل والممتلكات في المنطقة.
وفي مأرب، شن طيران العدوان أكثر من عشر غارات جوية استهدفت مناطق كوفل وسوق صرواح في مديرية صرواح ومنطقة ماس في الجدعان، وغارتين على منطقة النقيع في مديرية مجزر.
(الأخبار)