بقلم غالب قنديل

هيا إلى الساحات … لا للاستحمار !

ri7

غالب قنديل

لا يستطيع أي مسؤول الزعم بأن الناس داهموه بتحركاتهم حول ازمة النفايات وغيرها ولم يعطوه وقتا كافيا للدراسة والتحضير والمحاولة فقد كان كل الوقت للحكومة المتخبطة التي لم تعرف ما تفعل وقبلها حكومات وحكومات كلها فاشلة وغارقة في العجز والشبهة فلم تفتح أعين المسؤولين إلا على العمولات والحصص في استثمار نفايات اللبنانيين وما معنى وجود شركات موزعة على المناطق والولاءات السياسية بنسخة مطابقة لخرائط النفوذ والحضور؟ خلفا لشركة واحدة شاركت أركان النادي عطاياها وهداياها لتحفظ ربحها الفاحش؟

كشفت سر اللعبة مهزلة المناقصة الفضيحة التي فعلوا خيرا بطمرها ولم يكن أي خير في محاولتهم تحويل محافظة عكار إلى مطمر كبير وتخريب سهلها الزراعي الخصب عبر جعله خزانا وطنيا للنفايات برشوة تافهة وملتبسة استحقت اعتبارها إهانة رد عليها شباب عكار بانتفاضة كرامة.

من غير انتظار لتقديرات خبراء الصحة والبيئة يستطيع اللبنانيون التعرف على حجم الإهانة والاحتقار والمذلة في حشرشعب مقهور بأكمله بين جبال النفايات التي طافت بها الشوارع في جميع أنحاء لبنان ولا عذر لكل مسؤول تقاعس أو أهمل أو تحايل وتذاكى والعذرأقبح من ذنب لكل من توسلوا الربح الفاحش من صفقة الزبالة وتقاتلوا على قسمتها رغم ما حصدوه من دماء الناس ومن عرقهم منذ صفقة سوليدير المشؤومة ومن سندات الخزينة الربوية ومن خصخصة المحروقات وجباية الكهرباء والخلوي وسائر التعهدات والتلزيمات وغيرها من أبواب المنافع.

من غير انتظار لتقارير خبراء التدقيق والمحاسبة كانت الفضيحة واضحة وقوية ورائحتها تزكم الأنوف وهي نموذج فاجر لطريقة التصرف بالمال العام حين تأتي شركات أجنبية ومحلية برعاية أصحاب النفوذ تتبادل المعلومات والأرقام عن عروضها ثم تنفذ مسرحية في تقديم عروض بعدة أسعار لتنفذ إخراجا رديئا وبشعا وفاقعا للعبة تقاسم نهب المال العام .

أسعار المناقصة التي ألغيت لمنع الفضيحة هي ثلاثة أضعاف كلفة ملف النفايات الذي تعالجه بلديات واتحادات بلدية نجحت في استثمار نفاياتها وتحصد منها مردودا بينما ترفض الحكومة تسليم البلديات حقوقها في الصندوق البلدي الذي لم ينشئوه لينهبوه وظل حبرا على ورق وفقا لمدرسة السنيورة في المحاسبة العامة .

ماذا بقي غير التحرك والصراخ والنزول إلى الشارع لرفع الصوت امام أي لبناني يرفض استحماره ويأبى معاملته كبهيمة محتقرة وغير نافعة فحتى الزرائب لها نظام لتصريف نفاياتها ولاستثمارها ويحرص أصحابها على النظافة وعدم إيذاء أو إهانة حميرهم وبقرهم وبغالهم وكلابهم ومن يربي دوابا اوبهائم أو خيولا أو هررا أو كلابا من السادة المسؤولين او من نسائهم وبناتهم وأبنائهم المصونين يرصد موازنة خاصة من ماله الوفير لرعايتها صحيا والسهر على نظافتها بل وللعناية بجمالها عند الاختصاصيين.

طفح كيل اللبنانيين ولا ينبغي أن يخاف أحد من التحرك ويجب ان ترتفع مدوية صرخات الناس : لا للاستحمار … ولا للإهانة والمذلة … نستحق العيش بكرامة … شعارات بسيطة لا تستدعي نقاشا فلسفيا فلنترك جنس الملائكة قليلا ولنصرخ من جميع المواقع السياسية والثقافية والعقائدية وبجميع الهويات الاجتماعية … وعبر سائر صيغ التحرك والتنظيم المؤتلفة : طلعت ريحتكم … بدنا نحاسب … طفح الكيل … وغيرها من جماعات متحركة وبشعارات متعددة من قانون الانتخاب إلى حكومة البلاغ رقم واحد إلى المؤتمر التأسيسي جميعها تغني ولا تضعف في هذه اللحظة ولكل أوان تدبير.

المهم هو إقلاع الحركة الشعبية ونهوضها من سباتها وكلما كان الصوت قويا مدويا سوف يزعزع هذا البنيان الطافح عفنا وقبحا وفضائح …

فلتشهد الساحات في كل لبنان هبة شعب يرفض الضيم ولا يسكت على من يستغبيه ويحقره كائنا من كان هذا هو الجوهري الآن ولائحة الأهداف الكثيرة والمتنوعة لا تؤذي فليطالب الناس بما يشاؤون ولكن فلينتفضوا لإنسانيتهم ولكرامتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى