بقلم غالب قنديل

عون لم ينكسر وفرض أولوية الإصلاح

3ounn

غالب قنديل

تشيع دوائر سياسية وإعلامية كلاما كثيرا في الأيام القليلة الماضية عن “كسر” العماد ميشال عون من باب محاكمة تحركه السياسي والشعبي وتقييم النتائج قياسا إلى ملف التعيينات الذي انتهى إلى قرار وزاري بتأجيل التسريح بدلا من التعيين ومن الظلم الفادح ان يعامل موقف العماد ميشال عون بهذه الطريقة التي اختارها خصومه لتغييب قضيته الفعلية وهي تصحيح الحياة الوطنية ورد الاعتبار لفكرة الشراكة وللعمل الدستوري والمؤسساتي بمنطق إصلاحي شامل بعدما بلغته صيغة الطائف المطبقة بانحرافاتها الموسعة من تعفن وعجز عن إنتاج الحلول الفعلية للمشاكل المتراكمة  وما ألحقته من ضرر شامل اقتصاديا وسياسيا وإداريا بجميع اللبنانيين بدون استثناء وآخر المطاف طوفان النفايات الذي لا يقل عنه أهمية الضررالوطني الخطير المتمثل بتعميق حالة التهميش السياسي المفروض على المكون المسيحي الرئيسي في معادلة الشراكة الطائفية التي يتقدم الجنرال صفوف المتطلعين إلى تجاوزها نحو دولة وطنية مدنية كاملة لا مجال للتمييز بين مواطنيها وهو ما ترفضه الحريرية وشركاؤها كما بينت جميع التجارب السياسية السابقة.

بكل وضوح القضية المطروحة أشمل من التعيينات وهي تتناول تصحيح مسار الجمهورية  والعماد ميشال عون زعيم شعبي وقائد سياسي وطني يقود معركة تصحيح مسار اتفاق الطائف الذي تعرض لخرق جسيم من خلال استئثار سياسي قادته الحريرية (وليس الطائفة السنية ) مع شركائها العابرين للطوائف واستعملته لحساب مشروعها الاقتصادي التدميري الذي شكل جزءا من مشروع الشرق أوسطية  ورهن البلد للمديونية والخصخصة على حساب فكرة الدولة وكرس لإقامة حكم المافيا الذي يخدم الطغمة المالية المسيطرة على حساب الطبقات الوسطى والفقيرة وقطاعات الإنتاج والفئات الشابة المدفوعة إلى الهجرة من جميع الطوائف والحلف الذي تقوده الحريرية هو الذي تآمر على المقاومة في مثل هذه الأيام خلال حرب تموز بينما وقف الجنرال وقفة قائد وطني استقلالي وسيادي دعما لأبطال المقاومة وذلك الحلف الحريري هو الذي تورط في العدوان الغاشم والفاشل على سوريا بينما كان الجنرال زعيما وطنيا عربيا طليعيا سباقا إلى رفض العدوان والتحذير من التورط الحريري ومن تبعات ذلك على لبنان والمنطقة وكان سباقا في الوقوف إلى جانب المقاومة مجددا عندما انبرت لمقاتلة الإرهاب التكفيري بالشراكة مع الجيش اللبناني والجيش العربي السوري.

ولأن القضية بهذا العمق وبتلك الأهمية فالعماد ميشال عون لا ينكسر ولا تقاس معركته بتعيين هنا اوهناك وقد نجح الجنرال وبقوة في فرض حضور الحاجة للإصلاح السياسي الشامل بقوة تيار شعبي فاعل وكبير في أي تسوية لبنانية قادمة وهو يتزعم كتلة نيابية لن يستطيع أي كان تجاهلها والقفز من فوقها في أي مخرج دستوري مقبل للأزمة بدءا من رئاسة الجمهورية .

وإذا كان الاستعصاء السياسي والدستوري الناجم عن مأزق تركيبة الطائف المشوهة وبفعل استقواء الحريرية على الجنرال وجمهوره بغالبية نيابية حصدتها في ظل معادلات سياسية تغيرت وفي ظل واقع شعبي تبدل وبفضل قانون انتخابي مشوه ترفض تغييره إلى درجة إلغاء الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس النيابي المنتخب عام 2009 فالأكيد ان تحرك الجنرال والتيار الوطني الحر جعل سن قانون الانتخاب الجديد وانتخاب مجلس نيابي جديد ومراجعة التركيبة السياسية الراهنة واعرافها في صلب أي تسوية وطنية جديدة تفتح أبواب الحل اللبناني وهي باتت بندا لا يقبل المراجعة في أي تداول محلي او خارجي قادم حول الوضع اللبناني وهو أصاب هدفا نوعيا وحاسما بهذا المعنى ووضع ركيزة لتغيير المعادلات الرئيسية للواقع اللبناني وهذا ما يستدعي تكريسه عدم التفات التيار وجمهوره لكل محاولات التيئيس والتثبيط ويتطلب من حلفاء التيار الصادقين الوقوف مع البعد الوطني الإصلاحي لتحرك الجنرال .

ان يكون الجنرال مستهدفا من الحلف الأميركي السعودي ومن الحريرية وحلفها الداخلي الممسك بمفاصل السلطة والاقتصاد فهذا هو الدليل على البعدين الوطني الاستقلالي والتغييري لتحركه وهو يستحق من جميع الوطنيين دعم واحتضان تحركه بمداه الأوسع كما يستدعي من الجنرال والتيار الوطني الحر تقديم الأولويات الوطنية الجذرية في خطاب التحرك وتقديم ما يتصل بالحقوق المسيحية في شراكة الطائف من منطق تثبيت الاستقرار وتدعيم الوحدة الوطنية وتحصينها والتركيز على الطابع الإصلاحي للتحرك سياسيا ودستوريا واقتصاديا واجتماعيا فهو يعني جميع اللبنانيين بلا استثناء ولا صفة طائفية او فئوية له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى