بقلم غالب قنديل

سوريا ونقاط القوة الحاسمة

syrian army4

غالب قنديل

تتلاحق المؤشرات والتسريبات التي تدل على تحولات سياسية كبيرة جارية او في سياق التبلور لصالح تراجع قوى العدوان الاستعماري على سوريا وتخلخل منصات العدوان التي كرست بواسطتها مقدرات خرافية للنيل من الدولة الوطنية السورية ومن الشعب والجيش اللذين سطرا ملحمة صمود أسطورية بقيادة الرئيس بشار الأسد ويمكن القول ان ما يجري اليوم من تحولات يعود الى عناصر القوة الحاسمة في سوريا والتي ينبغي العمل على تجذيرها وتأصيلها بخطط هجومية تحاصر الثغرات وترتقي بمعادلات القدرة والفاعلية السورية إلى درجات أعلى في الاستجابة لتحديات المرحلة المقبلة نحو انتزاع النصر وإعادة البناء الوطني .

1- شكلت الدولة الوطنية السورية بصمودها وبقدرتها على الاستمرار والتكيف مع أقسى الظروف قاعدة صلبة للصمود الشعبي والسياسي في وجه العدوان وهي الركيزة الحاسمة التي احتوت في بنيانها الوطني المتنوع ومن حولها على صعيد المجتمع وبمختلف مؤسساتها غالبية سورية ساحقة توسعت وبذلك فالسير في طريق التطوير والتحديث التي تعبر عن التطلعات الشعبية وتواكب الاحتياجات المتراكمة والملحة يمثل التحدي السوري الأبرز الذي ينطلق من تأكيد هوية الدولة الوطنية الاستقلالية المقاومة التي صمدت ضد اعتى عدوان استعماري.

2- الهوية الوطنية الاستقلالية المقاومة هي التي اكسبت الدولة الوطنية عنصر المشروعية التاريخية والحصانة الأخلاقية في مجابهة حلف العدوان وعصابات العملاء وحكومات التوابع التي استهدفت سوريا بقيادة الحلف الاستعماري الصهيوني وبواسطة تنظيم الأخوان المسلمين وفصائل الإرهاب القاعدية متعددة الجنسيات .

3- تمثل علمانية الدولة الوطنية السورية بالممارسة الحية علامة قوة فارقة أفشلت خطة تحويل العدوان الاستعماري الى حرب اهلية وشكلت متانة المؤسسات وصلابتها وتنوعها عناصر مناعة وحصانة مستعصية فظل المنشقون عنها أفرادا من قلة مرتزقة يجللها العفن واشتراها المعتدون بينما البنية العامة راسخة في انتمائها الوطني الصلب ومثال الجسم الدبلوماسي السوري يشير إلى هذه الحقيقة الناتجة عن كون الدولة الوطنية العلمانية المقاومة بعدا حاسما في ملحمة الصمود السوري ضد الحرب الكونية رغم الحصار السياسي والاقتصادي والاستنزاف العسكري والأمني وجميع محاولات الاختراق والشراء المستميتة .

4- اصطدم العدوان الاستعماري في أشد مراحله قسوة بقوة وصلابة الجيش العربي السوري وقدرته على التكيف والابتكار بالشراكة مع المقاومة والوحدات الشعبية بحيث انه يتحول بصموده وبتطور قدراته إلى مدرسة خلاقة في الاستراتيجيات العسكرية وفنون القتال وهضم التقنيات الحديثة وتطويعها والجمع بين أشكال متعددة من القتال وفي اصعب الظروف وأشدها تعقيدا والنجاح حيث أخفقت جيوش دول عظمى أو تعثرت.

5- مثلت العروبة في ما تقدم على مستوى الدولة والجيش والشعب عنصرا حاسما قويا فقد تبدت العروبة بوصفها هوية قومية وثقافية تاريخية حصنت الوحدة الوطنية وعمقت الالتفاف حول الدولة المقاومة والجيش المناضل فكانت قوة فعل حاسمة في شد وثاق المجتمع واستنهاض وجدانه ووعيه العام ضد العدوان الاستعماري وتجذر العروبة في وعي السوريين كان من أهم عوامل المناعة ضد مخطط التفتيت بأبعاده التحريضية والميدانية.

6- وطنية المؤسسات الدينية السورية المسلمة والمسيحية التي تصدت للتكفير وقاومت فكريا وعمليا والتصقت بالناس لتحثهم على الصمود ولتعمم خطاب الوحدة الوطنية والاستقلال الوطني في مجابهة العدوان الاستعماري وقد قدمت المؤسسات الدينية الوطنية في سوريا العديد من الشهداء والجرحى والمخطوفين بسبب دورها المحوري في ملحمة الصمود السوري وتأثيرها الوطني والقومي والعالمي الذي يستحق الاحترام.

7- استقلال ومتانة الاقتصاد الوطني السوري وإنجازات مراحل البناء الوطني التي انطلقت في السبعينيات تحت شعار الاكتفاء الذاتي والاستقلال فلم يكن ممكنا لسوريا ان تصمد في وجه العدوان والحصار والعقوبات لولا البنية الاقتصادية الإنتاجية الراسخة والمستقلة التي تراكمت في القطاعين العام والخاص وهذه البنية كانت قد صمدت لسنوات في وجه ضغوط النيوليبرالية ومحاولات التكييف والتفكيك الغربية والخليجية التي استهدفتها على الدوام للنيل من استقلال سوريا السياسي فقد برهنت ملحمة الصمود ان القطاع العام الاقتصادي والقطاع الخاص الإنتاجي هما ركيزة حاسمة للمقاومة والاستقلال ولتحدي حلف العدوان والهيمنة.

8- حيوية الإعلام الوطني السوري الذي استطاع رغم كل شيء خوض التحديات الداهمة والتكيف مع موجبات المقاومة والدفاع الوطني وهو بجميع مؤسساته وأفراده يستحق التقدير والاهتمام والرعاية بحيث يتمكن من تسريع نموه النوعي مهنيا وتقنيا استعدادا للمعارك المقبلة وتحدياتها الإعلامية.

9- التحالفات والشراكات الاستراتيجية السورية المبدئية والصلبة قوميا وإقليميا وعالميا شكلت في ملحمة الصمود قوة حاسمة تبدت سياسيا واقتصاديا وعسكريا وقد ترسخت تلك التحالفات في معمودية النار ضد العدوان الاستعماري وهي تتحول إلى شراكات مستمرة ومتجددة في جميع المجالات وبرهنت عن صلابة ومتانة فهي مبنية على المصالح والتطلعات والمبادئ التحررية المشتركة وبحيث اعترف الخصوم بسقوط مراهناتهم المتكررة على النيل من تلك التحالفات التي تظهر فيها سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد واسطة العقد القوية في جبهة عالمية مناهضة للهيمنة ويجد جميع شركائها في ميدانها خطوط دفاعهم الأولى.

في كل ما تقدم وسواه من جبهات القتال والصمود السورية سياسيا وإعلاميا واقتصاديا وعسكريا وشعبيا ظهر دور حاسم في التخطيط والمبادرة والقيادة العملية الدقيقة وفي أصعب الظروف سطره زعيم عربي كبير سيخرج من هذه المجابهة القاسية والطويلة والصعبة ماردا قوميا وعنوانا لمشروع نهضوي تحرري عربي هو الرئيس بشار الأسد الذي بات عنوانا لقوة سوريا ولصمودها ولانتصارها القادم الذي سيكرسها قوة صانعة ومقررة في عالم جديد يتشكل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى