مقالات مختارة

مسخرة ..تطبيع العرب.. وتنامي مقاطعة الكيان ! د. فايز رشيد

 

في الوقت الذي تتنامى فيه مقاطعة الكيان على الصعيد العالمي.. تتسارع الخطوات السعودية العلنية (بعد سنوات طويلة من العلاقة الخفية كان حصانها الأبرز بندر بن سلطان) لإقامة علاقات مع الكيان!.نعم, أصبح لدى السعودية استعداد عملي علني لترسيم العلاقات مع إسرائيل,بالطبع فإن مترتبات ذلك سينعكس سلبا على مجمل الصراع مع العدو, وعلى الحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية, وعلى التطبيع مع العدو,وهو في ذات الوقت تأييد للاقتراحات الصهيونية للتسوية, ويصب في مجرى الرفض الصهيوني للدولة الفلسطينية العتيدة, وهو يمثل تهيئة لكافة الدول الخليجية والأخرى ذات العلاقات القوية مع السعودية عربية كانت أم إسلامية, للاعتراف العلني والرسمي بالكيان. من يتابع الصحف والمواقع الإسرائيلية ( وبخاصة موقع walla ) يدرك المشوار الطويل لهذه العلاقة المتينة , والذي تعتبر فيه اللقاءات الأخيرة بين الصهيوني حتى العظم دوري غولد( المتخصص في الشؤون العربية والإسلامية , والمعيّن حديثا من قبل نتنياهو مديرا عاما لوزارة الخارجية بعد إقالة نيسيم بن شطريت! والذي كتب مقالات عديدة عن أهمية ضرب المشروع النووي الإيراني, وأخرى عن ضرورة التحالف مع السعودية في مجابهة إيران!) وبين الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي( اللقاء الاخير هو الخ مس بين الاثنين ).

على صعيد آخر قال الدكتور أسامة الغزالي حرب، رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار، “إن مصر في حالة تطبيع مع إسرائيل من بعد معاهدة السلام، وأضاف “حرب” خلال لقائه ببرنامج “الجريء والبريء” المذاع عبر فضائية “سي بي سي إكسترا”، الثلاثاء، أنه دارس للصراع العربي -الإسرائيلي، مؤكدًا القول “أنا ذهبت لإسرائيل من قبل، ولو حلت مشكلة فلسطين فلا أرى أي سبب لمنع العلاقات بيننا، ولا أرى أن البعد عنهم غنيمة كما يتصور المصريون“.

إن أحد الأهداف الأساسية الإسرائيلية: هو الحصول على اعتراف جماهيري وشعبي عربي بإسرائيل كدولة من دول المنطقة،والدخول في النسيج الاجتماعي للأمة العربية والقيام بمختلف أشكال التطبيع معها.لم يكن الهدف الوحيد لإسرائيل الاعتراف الرسمي العربي بها فقط،وإنما الأهم هو الاعتراف الشعبي الجماهيري بها،ولذلك حاولت وبكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات , التطبيع مع الشعب المصري بعد معاهدة كمب ديفيد،ولكن وعي الجماهير الشعبية المصرية وأحزابها ونقاباتها ومؤسساتها ومنظماتها غير الحكومية تمكنت من إفشال المخططات الإسرائيلية. يدخل في باب التطبيع:السماح لإسرائيل بإقامة مؤسسات تصنيعية ومكاتب تمثيلية وغيرها من الأشكال على أية بقعة في الأرض العربية،وكذلك استضافة إسرائيليين في الفضائيات العربية،وكل تلك الأشكال من التبادل بمختلف الأسماء والمسميات،أيا كان شكلها : من زيارات لإسرائيل أو العكس بالعكس.

على صعيد المقاطعة..لعلنا نورد اهم خطوات إسرائيل لمحاربة المقاطعة ,التي أصبحت تؤثر فعليا على الكيان :نتنياهو قارن بين حملة المقاطعة لإسرائيل وبين الحقبة النازية! . هو وحكومته يرصدان 100 مليون شيكل لمحاربة حملة المقاطعة , كما يعلن رئيس الوزراء: أن “الحملة لنزع الشرعية عن إسرائيل تشكل تحدياً يواجهه الشعب اليهودي والدولة اليهودية “…ويستطرد…في خطاب متلفز وجهه لـ “مؤتمر مضاد لحركة مقاطعة إسرائيل – BDS ” – انعقد مؤخرا في مدينة لاس فيغاس قال فيه “كانت هناك محاولة لإقصاء إسرائيل من «الفيفا»، واتحاد الطلاب الوطني في بريطانيا صوت لصالح مقاطعة إسرائيل، والمدير العام لشركة فرانس- تلكوم صرح :بأنه يعتزم قطع العلاقات التجارية بين شركته وإسرائيل، وأقواله لاحقاً التي مدحت إسرائيل لا تتماشى مع التصريحات التي أدلى بها في القاهرة,والتي كانت معادية بشكل لا لبس فيه”. نتنياهو شدد على : أهمية الوقوف ضد كل هذه الحملات ,لأن “الحملة ضد إسرائيل لا ترتبط بسياساتها.. بل بحقها في الوجود وتمثيلها للشعب اليهودي , وبحقها في تقرير مصيرها والدفاع عن مستقبلها..فلا مستقبل يهودي من دون وجود إسرائيل كدولة يهودية”.الصهيوني نتنياهو ادعى بأن كيانه “يحارب الإرهاب العربي الوحشي في سبيل السلام”.من ناحية ثانية ,أجمعت الصحف الصهيونية على أن الكيان وضع خطة تفصيلية لإعلان الحرب على ” حركة المقاطعة العالمية ” للكيان! نتنياهو قام بتعيين جلعاد أردان مسؤولا عن الأمن العام للشؤون الاستراتيجية والدبلوماسية . الأخير صرّح بدوره :بأن مكافحة المقاطعة ستكون هدفه الرئيسي.

يشي هذا الأمر: بأن الكيان أصبح متضررا بشكل كبير من الحملة الدولية لحركة مقاطعته! وبأن حربا صهيونية سيجري شنها على الحركة! ووفقا للكاتبة الصحفية آسا ينستانلي في مقالة نشرتها مؤخرا: بأن موضوع المقاطعة سيُدرج للمناقشة في الكنيست,وهذا يعني : جدية المخاوف على القائمين على الحملة ,وممارسة الإرهاب الأسود ضدهم ,وتهديد الحياة الشخصية لكل منهم. من ناحيته اعتبر رئيس الكيان رؤوفين رفلين “أن المقاطعة تشكل تهديدا استراتيجيا أمنيا لإسرائيل” . كما أن زعيم المعارضة اسحق هيرتسوغ استعمل ذات الوصف. في نفس السياق وإضافة بند “أهمية محاربة المقاطعة” جاءت تصريحات أنات بيركن عضو الكنيست عن الليكود, ورئيس الموساد السابق الذي صرّح “بأن الكيان لا يستعمل سوى جزء بسيط من قوته في محاربة المقاطعة. على صعيد ثالث :تصدرت قضية شركة أورانج الفرنسية للاتصالات, وقرارها وقف تعاملاتها مع إسرائيل عناوين الصحف الصهيونية مؤخرا, وجاء فيها: أن بنيامين نتنياهو تدخل شخصياً في القضية, وطالب الحكومة الفرنسية بالتدخل السريع لمنع شركة ورانج» للاتصالات وقف تعاملاتها مع إسرائيل.
وتأتي مطالبة نتنياهو هذه وتدخله المباشر في القضية إثر الإعلان الرسمي لشركة «أورانج» عن وقف تعاملاتها مع إسرائيل. ولقد تدخلت وزارة الخارجية الإسرائيلية كذلك في القضية وطالبت الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بالتدخل ضد قرار شركة «اورانج»… ونتيجة الاتصال , تراجعت أورانج عن قرارها بمقاطعة الكيان!.

التطبيع هو المفتاح لقبول إسرائيل في المنطقة , وهو أيضاً اعتراف بالأضاليل التاريخية والجغرافية التي تروجها الصهيونية عن فلسطين ,وتطرحها حالياً بالنسبة ليهودية دولة إسرائيل. لكل ذلك فإن التطبيع وبلا ثمن هو ما تريده إسرائيل.

من الملاحظ:أن حركة المقاطعة للمستوطنات الصهيونية في تتنامى بشكل متسارع مؤخراً،كحصيلة لنشاطات جمعيات ومنظمات أهلية فلسطينية وعربية ودولية.نعم المقاطعة في طريقها للتحول إلى ظاهرة ,وقد بدأت تقلق إسرائيل.لقد خسرت المستوطنات الإسرائيلية العام المنصرم 2014 حوالي 30% من تجارتها مع الدول الأوروبية وغيرها.نعم بدأت تتكاثر المؤسسات الأكاديمية والإقليمية والشركات والمؤسسات الأوروبية التي تعلن مقاطعتها لأسرائيل في دول عديدة من الصعب إيرادها كلها في مقالتنا هذه.نعم علينا الاستفادة من هذه الظاهرة ،فالحكم العنصري في جنوب أفريقيا حوصر وقوطع من غالبية دول العالم،الأمر الذي ساهم وبفعالية كبيرة في الضغوط عليه للجنوح نحو حل سياسي مع الشعب الجنوب أفريقي.

إسرائيل تكرر وقائع الحكم العنصري في جنوب أفريقيا في تعاملها مع الفلسطينيين: إن من حيث التنكيل المستمر بهم، مروراً باقتراف كافة أشكال العدوان الاحتلالي ضدهم ، وصولاً إلى التنكر لحقوقهم الوطنية وإلى مزيد من فرض الشروط عليهم.إسرائيل بممارساتها هي أكثر عنصرية من كافة الأنظمة العنصرية على مدى التاريخين القديم والحديث , وهي دولة فاشية بامتياز, كما أثبتت الوقائع .نعم إنها قمة المسخرة: بعضُ المُسمين عربا يقومون بالتطبيع .. والغربيون يجهدون لمقاطعة الكيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى