مقالات مختارة

سماحة ام جعجع؟ ابراهيم عوض

 

محق وزير العدل اللواء أشرف ريفي في أن تثور ثائرته على الحكم الصادر بحق الوزير السابق ميشال سماحة ، في قضية نقله عبوات ناسفة وقنابل في سيارته معدة لعمليات تفجير تستهدف قيادات سياسية ودينية ، والذي قضى بحبسه أربع سنوات ونصف أمضى معظمها وراء القضبان ولم يتبق له منها سوى سبعة أشهر.

ومن الطبيعي أن ينتفض ريفي ومعه كثيرون من قيادات “المستقبل” وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري وغيرهم من سياسيين ومشايخ مثنين على وصف وزير العدل لما جرى في المحكمة العسكرية بـ “المسخرة” مهدداً بإقفال هذه المحكمة ، وهي التي لم يمثل أمامها موقوفون إسلاميون مضى على توقيفهم سنوات وسنوات ، وإن حصل وسيق بعض منهم الى قفص الإتهام ، كما يقول “الناقمون” عليها، فإن الأحكام التي تصدر بحقهم تكون قاسية جداً ومنها من يطلب للمدان الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.

الى هنا والأمور واضحة والقضية محقة . ونحن نشد على يدي الوزير الصديق أشرف ريفي ونطالب مثله بإقفال ملف الإسلاميين فوراً ومن دون تلكؤ . لكن وبهدؤ أيضاً نتساءل لماذا لم يحصل ذلك من قبل، ونقصد أيام حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعده الرئيس فؤاد السنيورة وبعدهما الرئيس سعد الحريري وخلفه الرئيس نجيب ميقاتي من دون أن نحتسب للأخير حكومته الأولى ، علماً إن هؤلاء الموقوفين رافقوا العهود الأربعة السابقة داخل الزنزازات التي أضحى بعضها غرف عمليات تدار منها مخططات الإغتيال والتفجير وخطف العسكريين . ولابد من أن نورد هنا ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الذي زاره قبل أسابيع قليلة ، وهو يعدد إنجازات الحوار الجاري بين “تيار المستقبل” و “حزب الله” ومنها إنهاء أسطورة “المبنى ب” في سجن رومية : “من كان يتصور أن يحصل ذلك ويتم وضع حد لهؤلاء الذين كانوا يديرون العمليات الإرهابية فيما نحن نقوم بحراستهم ؟!.

عود على بدء. إذ مازال السؤال عن التباطؤ أو الإمتناع عن محاكمة الموقوفين الإسلاميين قائماً حتى الساعة ، ولم نحصل على الإجابة الشافية له لا من هذا الرئيس للحكومة أو ذاك ، وكل واحد منهم يقذف الكرة الى ملعب الآخر.

هذا أولاً . أما ثانياً ، وهذا هو الأهم في نظرنا، فهو تذكير من ثار غضباً على الحكم بحق سماحة بأنه سبق لقائد “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع أن حكم بالمؤبد ، بعد أن أدانته أعلى جهة قضائية، وهي المجلس العدلي ، بإرتكاب جريمة إغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي.

هنا نحن أمام جرم إرتكب بالفعل بحق رئيس مجلسٍ للوزراء كان في الحكم حينذاك ، خلافاً لما كان عليه الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي ننتظر اللحظة التي نتعرف فيها على قتلته المجرمين . وقد قام مجلس النواب بالعفو عن جعجع ، بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري، علماً أن المعفى عنه كان قد أمضى في زنزانته ما يقارب الأحد عشر عاماً مما يعني في عملية حسابية بسيطة أن المدان بالجرم المشهود على فظاعته يخرج حراً طليقاً بعد مضيه السنوات المذكورة داخل السجن ، فيما واحد مثل ميشال سماحة ، وعلى فظاعة ما كان يعتزم فعله ، يُحكم بحوالي خمس سنوات سجن ، علماً أن عمليات التفجير التي حكي عنها في قضيته لم تحصل بعد أن أحبط “فرع المعلومات” المخطط بواسطة مخبر محنك جنده لهذه الغاية وتمكن من الإيقاع بسماحة الذي إرتكب بذلك غلطة عمره.

أخيراً نأمل ألا نُفهم خطأ وينظر إلينا على أننا ندعم الحكم الصادر بحق سماحة . فهذا ليس مرادنا . وكل ما نسعى إليه هو وضع النقاط على الحروف والطلب الى كل من يعنيه الأمر فيما نحن بصدده النظر الى القضايا الواردة ضمنه بعينين “مفتحتين” حتى تبقى الصورة واضحة أكثر ولا تؤخذ من زاوية دون أخرى…

(الانتشار)

                  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى