مقالات مختارة

الكيان الصهيوني والحروب والانتخابات حميدي العبدالله

 

عندما اغتالت الطائرات «الإسرائيلية» ثلة من المقاومين في القنيطرة، ذهب أكثر من محلل في الكيان الصهيوني، وكذلك صرّح أكثر من مسؤول في المعارضة «الإسرائيلية»، مؤكدين أنّ هذا الاعتداء يندرج في إطار سعي نتنياهو إلى وقف تدهور شعبيته التي عكستها استطلاعات الرأي مع اقتراب موعد الانتخابات.

التصريحات «الإسرائيلية» أوحت لكاتب عربي بتعليق جاء فيه حرفياً: «لكلّ انتخابات إسرائيلية حربها، ولكلّ حرب إسرائيلية انتخاباتها» والمقصود بأنّ لكلّ انتخابات «إسرائيلية» حربها، أيّ أنّ قادة الكيان يلجأون إلى الحرب لرفع شعبيتهم عشية الانتخابات، وهذا ما فعله شمعون بيريز في عام 1996، عندما شنّ حرب «عناقيد الغضب»، وهذا ما فعله بنيامين نتنياهو عندما شنّ عدوان 2012 على غزة في أعقاب اغتيال القائد في المقاومة الفلسطينية الجعبري. والمقصود بعبارة لكلّ حرب انتخاباتها، أنّ بعض حروب «إسرائيل» تمّت خسارتها وانقلب السحر عل الساحر، فمثلاً عندما خسر حزب العمل حرب عام 1973 جرت انتخابات مبكرة وخسر حزب العمل لأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني أغلبيته في الكنيست التي كانت تؤهّله لتشكيل الحكومات في الكيان، وتكرّر الأمر بعد حرب عام 2006 التي تسمّيها تل أبيب حرب لبنان الثانية.

جاء ردّ المقاومة اللبنانية السريع على عدوان القنيطرة ليجهز على هذه المعادلة ويسدل الستار عليها بشكل كامل. فالمقاومة لم تؤخر ردّها إلى ما بعد الانتخابات «الإسرائيلية» كي يستفيد نتنياهو، ولو موقتاً من فِعلته في القنيطرة، وكان حجم الاستعداد للردّ على أيّ مغامرة جديدة من قبل الكيان الصهيوني، وخطر اندلاع حرب شاملة قد تلحق أذى كبيراً بسورية ولبنان، ولكن أذاها على الكيان الصهيوني لن يقلّ عن الأذى في سورية ولبنان.

وحسبت الحكومة «الإسرائيلية»، وكبار المسؤولين فيها وفي مقدمتهم نتنياهو ووزير دفاعه المعادلة بدقة، وحضرت في خلفية النقاشات القوى المؤثرة في صنع القرار في الكيان الصهيوني، وتمّ استخلاص العبر والدروس، وقرّرت تل أبيب التزام المعادلة التي صنعتها المقاومة، لأنّ الخروج على هذه المعادلة من شأنه أن يعرّض الكيان إلى مخاطر لا قدرة له هذه المرة على تحمّل تبعاتها، ولهذا فإنّ ردّ المقاومة لم يردع قادة العدو ويثبت معادلة الردع وحسب، بل أسدل الستار على مقولة «لكلّ انتخابات حربها، ولكل حرب انتخاباتها» وبات على قادة العدو مواجهة الحقيقة كما هي، أيّ أنّ زمن شن الحروب للهروب من أزمات الكيان الصهيوني قد ولّى وإلى الأبد.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى