مقالات مختارة

الشروط الملزمة لعودة مصر الى دورها الطليعي د. غسان غوشة.

 

عندما كتب المتنبي واصفا وضع مصر المحكومة آنذاك من خورشيد:

 

نامت نواطير مصر عن ثعالبها

وقد بشمن وما تفنى العناقيد.

كان المتنبي يريد ان يصفي حسابه مع خورشيد،

وكان قبل ذلك قد كال له من المديح ما فاق التصور.

أردت من هذه المقدمة ان اتأسف على وضع مصر الذي وصلت اليه بعد رحلة السادات المشؤومة الى القدس .

هذه الرحلة أدت الى عزلة مصر عربيا وتخليها عن دورها العربي، بل عن كل دور خارجي.

ظن السادات انه اذا قدم التنازلات للعدو الصهيوني

سترضى عنه امريكا وتجعله رجلها الاول في المنطقة

وبالتالي ظن انه بذلك سيأخذ

مكانة إسرائيل والسعودية

وشاه ايران.

ولكن السادات لم يحصد الا الخيبة والعزلة .

فقد العالم العربي بعزلة مصر عنه الدولة الرائدة والوازنة

ودخلت البلاد العربية في حال من التخبط

وظن فيها البعض انه يستطيع

ان يأخذ دور مصر

وأكثر من ظن ذلك كان الرئيس الراحل صدام حسين

وكذلك حكام السعودية.

ولكن ثبت بالملموس ان مصر كانت الخاسر الأكبر وان لا احد من الأنظمة العربية يستطيع ان يملأ فراغ الدور المصري.فموقع مصر الجغرافي الواصل بين المشرق والمغرب ووزنها السكاني وتاريخها العظيم

منذ ايّام صلاح الدين هازم الصليبيين ومحرر القدس

الى الظاهر بيبرس سلطان مصر والشام الذي هزم المغول والصليبيين ورد هولاكو عن بلادنا وأسر الملك لويس التاسع .

ومن تاريخ مصر المميز مرحلة محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا والذي قاد مرحلة التحديث والتصنيع

والذي غدرت به بريطانيا العظمى وتخلت عنه فرنسا

وكان واضحا ان الغرب يفضّل بقاء الخلافة العثمانية ضعيفة ولَم يسمح لمحمد علي ان يوحد أراضي الخلافة

وأبقاه هو ايضا ضعيفا وفرض عليه شروطا مذلة للغاية

كتدمير الصناعات العسكرية والمدنية. وللملاحظة فقد استنسخت امريكا هذه العقوبات وفرضتها في عصرنا على العراق.

ثم جاءت مرحلة الرئيس عبدالناصر الذي اكتشف كما كتب في كتابه البسيط “فلسفة الثورة”الدور الثلاثي لمصر:عربي،أفريقي وإسلامي

ثم أضاف له بعد سنوات الدور العالم ثالثي.

في قلب مشروع عبدالناصر كانت فلسطين، وقد ادرك مبكرا ان مصر لا مكان لها بين الأمم ان لم تواجه المشروع الصهيوني.

باختصار منذ غياب عبد الناصر حتى الأسبوع الماضي

كانت مصر نائمة وغائبة عن دورها الريادي في قلب العالم

العربي، حتى ان احدا لم يعد يحسب لها حساب في لعبة الأمم.

وأخيرا جاء خطاب السيسي،

الأسبوع الماضي في القاعدة العسكرية على الحدود مع ليبيا والذي يمكن وصفه بالخطاب الجديد الذي يؤشر

ربما الى مرحلة جديدة.

ولكن ،لكن، هل السيسي جدي في هذا الموضوع؟

ان كان جديا ، ماهي الشروط الضرورية لعودة مصر الى لعب دور محوري في المنطقة؟

اليوم ، اقرأ للعديد من المحللين السياسيين وجهات نظرهم التي تحدد ثلاث مخاطر مصيرية تعيشها مصر

١الاٍرهاب في سيناء

٢سد النهضة

٣التوسع التركي في ليبيا

ولكن انا اخالف كل هؤلاء الرأي وأقول ان العدو الرئيسي والأساسي لمصر هو الكيان الصهيوني ، فلولا وجود هذا الكيان لما نشأ واستمر الاٍرهاب في سينا وحيث لا يسمح للجيش المصري الا بتواجد محدود

وكذلك لما كانت الحبشة تجرأت على تحدي مصر وإقامة

سد النهضة الذي يحرم مصر من نصف مواردها الماءية.

ولو كانت مصر تقوم بواجبها

تجاه العدو الصهيوني،لما كان اردوغان ليفكر بالتدخل العسكري في ليبيا.

اذا كي تعود مصر الى دورها

الطليعي، عليها اولا العودة الى فلسطين

ثانيا ان تعمل على لم شمل العرب

ثالثا:

ان تستعيد المشروع القومي العربي

فشعار مصر اولا انتهى وهو مشروع لا أفق له.

فمصر موقعها الطبيعي في قلب العالم العربي وقضاياه ولا يمكنها ان تغيب.

مصر مطالبة بالعودة الى مفهوم العروبة الجامع، الى مفهوم عدم الانحياز ،الى مفهوم وحدة المصير العربي

ان الصراع مع المشروع الصهيوني ومع مشاريع الهيمنة على المنطقة يستطيع ان يجمع مصر مع تركيا مع ايران ويستطيع ايضا ان يشكلوا محوراوقوة لابأس بها تفرض نفسها على القوى العظمى في العالم.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى