تقارير ووثائق

مخطئون حول الأسد وداعش لا يجرؤون على الاعتراف ماكس أبرامز وجون غلاسر

 

لوس أنجلس تايمز

(10/12/2017)

بات الآن تنظيم الدولة الإسلامية يشكل ظلاً لظله، بعد أن بدأت المجموعة المتطرفة في عام 2014 بتحقيق تقدمٍ كبيرٍ في تحقيق هدفها المعلن المتمثل في الخلافة. وقد تباهى عشرات الآلاف من المقاتلين بعد تحقيق سيطرة إقليمية على منطقة تقارب حجم كوريا الجنوبية. وبكافة المقاييس، انهارت الدولة الإسلامية في معقلها السوري، وكذلك في العراق. وكما اعترف مؤخراً مقاتل أجنبي بقوله: «لقد انتهى الأمر:لم يعد هناك داعش».

إن تراجع الدولة الإسلامية يجب أن يشكل صدمة لجوقة الصحفيين والمحللين الذين أمضوا سنوات وهم يصرون على أن هذا التقدم لن يحدث أبداً دون إسقاط نظام بشار الأسد – الذي بطبيعة الحال، لا يزال قائماً، وقد خلص العديد من صانعي الرأي إلى أن الدولة الإسلامية ستزدهر في سورية طالما أن الأسد لا يزال في الحكم، وذلك لأن الجيش العربي السوري كان يعتبر جزءاً من نفس المرض.

وقد أصر جون بولتون، سفير الأمم المتحدة السابق في عهد جورج دبليو بوش، في تصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز» على أن «هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية» ليست «مجديةً ولا مرغوباً بها» إذا ظل الأسد في السلطة. وكتب جونز ماكين و ليندسي غراهام في صحيفة وول ستريت جورنال أن «هزيمة الدولة الإسلامية تتطلب أيضاً هزيمة بشار الأسد». من جانبه اقترح كينيث بولاك من مؤسسة بروكينغز تبنّي سياسة «بناء جيش معارض جديد في سورية يكون قادراً على هزيمة الرئيس بشار الأسد والإسلاميين المتشددين». وبالمثل، قال ماكس بوت، وهو كاتب مساهم في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، أن هزيمة الدولة الإسلامية لم تكن أمرا مجدياً ما لم تتحرك الولايات المتحدة أيضاً لإلغاء «النظام العلوي في دمشق»، الأمر الذي ينسجم مع البعض ممن يدعون إلى تغيير النظام، وقد تم طرح منطقة حظر جوي في جميع أنحاء البلاد لتسهيل الضربات الجوية ضد حكومة الأسد، مع تعزيز المساعدات لما يسمى بالمتمردين المعتدلين.

وقد ادّعى محللون بارزون متخصصون في الشأن السوري أن الأسد أيّد ودعم الدولة الإسلامية، وكان مايكل فايس من وكالة «سي إن إن» قد أكد أن الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحاربا الدولة الإسلامية وأن سورية وروسيا تعتبران «قوة جوية غير معترف بهما»، كما أكد زميله الكاتب حسن حسن أن النظام السوري يجب أن يذهب لأن «الأسد لم يقاتل من قبل (الدولة الإسلامية)».

ولفترة من الوقت، وفي كل مكان من وسائل الإعلام كان يتم تكرار نفس الرواية، فقد وصفت صحيفة ديلي بيست مقاتلي الدولة الإسلامية بأنهم «أتباع الأسد»، وروّجت صحيفة نيويورك تايمز فكرة أن «قوات الأسد» تساعد «الدولة الإسلامية» «ليس فقط من خلال تجنب استهدافها، بل تسعى وبنشاط لتعزيز موقفها»، وقد كررت صحيفة «التايم» نفس الرواية بقولها أن «بشار الأسد لن يقاتل الدولة الإسلامية».

إن مسألة تغيير النظام في دمشق تذكرنا بالطبخة التي كانت مُعدة لبغداد في عام 2003، حيث أن المتدخلين لعبوا على المخاوف الأميركية من خلال التظاهر بأن المسؤولين الأقوياء في العراق كانوا على علاقة مباشرة مع الجهاديين السلفيين، واستندوا إلى الدليل الذي تم تقديمه على أن الأسد يرعى تنظيم الدولة الإسلامية، فضلاً عن أنه يتمتع بالقوة كما كان صدام حسين، الذي كان يدعم تنظيم القاعدة.

ولكن الخبير السوري أيمن جواد التميمي أشار في شباط 2014، أن الدولة الإسلامية «لديها سجل في محاربة النظام على جبهات متعددة، بما في ذلك منطقة الشيخ سعيد في محافظة حلب، وقاعدة كويريس الجوية العسكرية (حيث تم تنفيذ هجوم تحت قيادة كتيبة المهاجرين، صقور العز، بالتنسيق مع الكتيبة الخضراء، التي لها ارتباطات بالدولة الإسلامية وجبهة النصرة)، واستهداف نبل والزهراء و قاعدة اللواء 17 الجوية في محافظة الرقة، ومطار الطبقة العسكري والقلمون والسيدة زينب والسخنة في صحراء حمص، ومنطقة القامشلي، ومحافظة اللاذقية». وإلى جانب هذه المواقع، ينبغي للمرء أن يتذكر الدور القيادي للدولة الإسلامية في السيطرة على قاعدة منغ الجوية.

إن فكرة أن الأسد «لن يحارب» الدولة الإسلامية كانت دائماً فكرة خاطئة، وإن الفكرة القائلة بأن «هزيمة الدولة الإسلامية تتطلب أيضاً هزيمة بشار الأسد» هي أيضاً فكرة خاطئة على الدوام. الآن يجب أن يكون واضحاً أن الجيش العربي السوري قد لعب دوراً في إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية – وليس وحده، ولكن مع شركائه الروس والإيرانيين، ناهيك عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي تناقض واضح مع توقعات المنتقدين، فإن زوال المجموعة مرتبط عكسياً بسلطة الأسد، حيث أن قوة وثروة الدولة الإسلامية قد انخفضت وتراجعت مع تزايد نفوذ الأسد في البلاد.

وعلى النقيض من تنبؤات المحللين، فإن المجموعة قد انهارت مباشرة بعد تجفيف الدعم الخارجي للمتمردين «المعتدلين»، حيث أن إضعاف المتمردين كان يمثل انتكاسة كبيرة للدولة الإسلامية، وذلك لأن الأسد يمكن أن يركز قوته على استهداف المجموعة. علاوة على ذلك، فإن شحنات أقل من الأسلحة يعني وصول أعداد أقل من الأسلحة إلى أيدي الجهاديين السلفيين.

وما يثير الغرابة أننا لم نسمع العديد من النقاد يعترفون بأخطائهم، والتي استندوا إليها بناءً على تحليلات غير موثوقة.

وقد توصلت أبحاث العلوم السياسية على مدى العقدين الماضيين إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية كان «نموذجاً لإرهاب وجد الفرصة المناسبة» وليس ظهوره مرتبط بـ «الظلم». إن فكرة تغيير النظام في سورية لو حصلت لكانت قد خلقت فراغاً في السلطة، الأمر الذي يصب في نهاية المطاف لمصلحة الدولة الإسلامية.

وعلاوة على ذلك، فإن الفكرة القائلة بأن ضخ الأسلحة والمقاتلين إلى سورية من شأنه أن يخفف من حدة الاضطرابات هو في الواقع عكس ما كانت توصي به الدراسات، حيث أن أدب الصراع يجعل من الواضح أن الدعم الخارجي للمعارضة يميل إلى تفاقم وتوسيع الحروب الأهلية، والتي عادة ما تتلاشى ليس من خلال اتفاقات تقاسم السلطة بين الأطراف المتقاتلة، ولكن عندما أحد الأطراف يتمكن من تحقيق الهيمنة على الأطراف الأخرى.

يتوجب على الولايات المتحدة عدم مشاركة الأيديولوجيات القذرة في سبيل مواجهة أحد أعدائها. وعلى الرغم من تلاشي خلافة الدولة الإسلامية، إلا أن حرب الأسد على الإرهابيين في سورية ما تزال مستمرة وبزخم كبير، إننا نأمل أن يتجنب التحليل المستقبلي لهذا الصراع الدعوات الأيديولوجية المضادة للتجربة، الأمر الذي ساهم في ظهور القاعدة في العراق ثم الدولة الإسلامية في المقام الأول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى